خلود وشيخ العشيرة قصة للكاتب أيمن حسين السعيد

خلود وشيخ العشيرة..بقلمي.أ.ايمن حسين السعيد ..إدلب الجمهورية العربية السورية.

*قصة قصيرة*

في سماء مشرعة غيومها للتحرك باتجاهات مجهولة يتكاثفها سواد اليأس والحزن بعد ثباتها لعقود طويلة  على عزٍ وسؤود، هاهي الرياح تقلع بها سابحة مشتتة نحو المجهول .
تتعرى ذات خلود وعشيرتها عن فطرة أنانية وبراءة في حبها لذاتها، ومن حولهافقط، متناسية كل من ... حولها من البشر من العشائر الأخرى، التي ما ...... استطاعت وعشيرتها فهم سلوكياتهم،  او التأقلم مع طباع وعادات تلك العشائر التي كانت حول نطاقها وسياجها في مضارب العرب ،فعشيرتها بحكم سلطة وصل إليها شيخ عشيرتهم على تلك المضارب، عمل على تقوية عشيرته وزيادة أراضي مراعيها التي استأثر بها كلها ولا يسمح لباقي العشائر من الرعي ونصب خيامهم إلا بإذن منه مراعياً كثرتهم والعمل على تفرقتهم وعدم توحيد صفهم و اتفاقهم على شيخ عشيرة غيره ،لضبطه ايقاع مصلحته مع مصالح زعماء ومشايخ تلك العشائر التي كان له دور في تنصيب السيء منهم ومن يدين له ويعمل على ترسيخ وتوطيد زعامته.
مستنداً إلى قوة عشيرته وسلاحها ومن انضوى من بقية العشائر تحت لوائها... بدهاء وذكاء منه.
خلود التي كانت في نفور دائم من بقية البشر من العشائر المحيطة بها وعشيرتها الأقوى وعدم محبتها لهم منذ نعومة أظفارها بسبب تواتر كرههم من الأجداد للأسلاف بالتوارث جيلاً بعد جيل..رسخ في عقلها الباطن وفي قلبها نفوراً وكرهاًلهؤلاء البشر لعدم تشابههم معها وعشيرتها واختلافهم ليس في سلوكياتهم وعاداتهم وتقاليدهم وطبائعهم فحسب بل في معتقدها الذي لا تتقبل بديلاً عنه وعن طقوسه الخاصة به فذلك المعتقد يرفض الآخرين كما أن معظم الآخرين ممن هم حولها ينبذونه..وكأنه شيئاً غريباًو مختلفاً عنهم فكانوا يتركونه وشأنه لشأنه من غير اختلاط واندماجٍ مابينهم ولكن الآخرين ماكانوا يوماً رافضين لهم كما هي وعشيرتها التي ترفض الآخر رفضاً قاطعاً وكان ينمو هذا الرفض وتزداد وتيرته كلما تعاظمت سلطة العشيرة وشيخها ويزداد تعاظم نفوذه وقوته في المضارب كلها.
حتى خرج من طيات السر إلى العلن وغدا كرهاً يتأجج وحقداًأعمى بصيرة خلود وبصرها غافلةً تماماً عن حقيقة أن البشر في بقية العشائر الأخرى هم مثلها من
بني الإنسان.
فشجرة الحياة الرغيدة التي استأثرت بها بحكم قوة وسطوة عشيرتها وكانت تقطف من ثمارها كما باقي العشيرة الرفاهية والسعادة والهناء ولم يسمح لغيرها من العشائر بالإقتراب من تلك الشجرة إلا إذا سمح له شيخ العشيرة بذلك ،مما عزز شعور التعالي والصلف بأنانية متوحشة مفرطة قاسية على غيرها لدرجةٍ تصل إلى تفضيلها رمي الآخرين إلى فيء وظل شجرة الموت القاسية على من يقاسمونها الإمتداد والعمق في المضارب.....
ذات خلود المتجذرة بتربية عنصرية ٍ مقيتة وفكرٍ متقوقع انعزالي كان بالنسبة لها خيراً حسب قناعتها فتندفع بحيوية مندفعة نحو اشباع نهمها من الحياة الرغيدة واشباع نهمها من ثمار شجرة الحياة تلك بصولجان من العز والسلطان والسؤود بحماية عشيرتها وشيخ عشيرتها مما أعطاها قدرةً على فرض كل ماتريد لنفسها ومن يخصها...... وحولها وعلى من تريد ولأي غرضٍ تريد من غير طاريء او دخيلٍ يعكر صفو حياتها هذه وحياة عشيرتها التي لم تفكر يوماً بأن تتقارب بالحب مع غيرها من العشائر بل بفرض ماتريد من الحب بالقوة وصولجان السلطة..وكانت العشائر الأخرى راضخة للأمر الواقع مخافة التعرض لمصير قمعي كارثي بالنار والحديد.. لمعرفتهم بمدى تمسك تلك العشيرة بالسلطان،وشجرة الحياة التي تغذي سلطانهم في تلك المضارب، وإلا فمصيرهم الرمي في فوهة الهلاك أو كحد أدنى أن يبقونهم تحت فيء شجرة الموت..يتذوقون ثمارها...والركون لموت ينسج القهر والعبودية كفنه بشكل.متباطيء وكان هذا الأمر بيد شيخ وعشيرة خلود متى شاؤوا ومتى أرادوا بحكم القوة والسلطان.
فبإشارة من يد خلود تستطيع تحقيق ما تريد وإجبار من تريد على الرضوخ لها ومطواعية لتنفيذ أوامرها ورغباتها..من غير تلكؤ أو تأخير.
مما جعلها في حيوية مشرقة ولكنها ما ظنت ولو للحظة ما أو في يوم من الأيام أن هؤلاء المتشاركين معها المضارب في وطنها أن يطالبوا بحصتهم من مراعي تلك المضارب وبنيل حقهم في أن يستظلوا بشجرة الحياة مثلهم مثل عشيرتها بعد أن شعروا بالغبن والظلم ومقتوا بالرفض أن يظلوا للأبد تحت شجرة الموت....التي لا ينالون منها من السعادة شيئاً بل دوام سيلان القهر والحزن الذي يصب مجراه لموت محتم.
كم شعرت بالهلع والخوف من حراك العشائر ضد عشيرتها وشيخ المضارب ،كم شعرت بالخوف من أن يتقاسم معها هؤلاء شجرة الحياة التي استأثرت بها وعشيرتها خوف طردها وعشيرتها منها فلا تبقى في نعيمها ورغدها بتفلت النفوذ وكسر عصا السلطة.
فسعادتها نغصها حراك هؤلاءالبشرٍ والعشائر الذينَ تكرههم ولا تحبهم ولا تريد لهم الخير أبداً أو أن يكون لهم السطوة والسلطان عليهاوعلى المضارب جميعها، مما أضفى حزناً عميماً على نفسها وحسرةً ويأساً وأسىً وهي ترى بكارة سلطة عشيرتها المصطنعة بالقوة، تهتك أمام أعينها وهي التي ظنت أنها ستبقى للأبد كما اسمها بل حتى الخلود ولن تحول السلطةأو تزول..
خلود التي استعصى عليها فهم شرائع الغير الذين كانت تكرههم فقط لأنهم لا يشبهونها في العادات والتقاليد والشريعة ولا تحب ولا تستسيغ التعمق إلافي فهم شريعتها وقوانين وعادات وطباع عشيرتها ولم تتقبل يوماً ما أن للغير له حق في أخذ نصيبهم من ظل وثمر شجرة الحياة...كانت دااائما تتهرب ولا تحاول الإقتراب من شجرة الحقيقة والمعرفة حتى لا تتولد في نفسها ارتدادات الصدمة والذهول فينكشف للآخرين حجم حقدها وكراهيتها لهم، الذي غدا واضحاً كالشمس الساطعة للآخرين ،بعد أن بدأ الشركاء الآخرون من العشائر بسحب بساط السلطة والقوة والنفوذ من عشيرتها وشيخها وشيخ المضارب التي هاجت وماجت في صراعات استنزفت عشيرتها ومن والاها حد انقراض رجالها، للوصول إلى قسمة عادلة وأخذ نصيبهم وحقهم في تداول السلطة والتفيؤ بظل شجرة الحياة وأخذ نصيبهم العادل من ثمارها..
أصبحت خلود في هيستيريا مما يحصل وعصبية المزاج وشريرة مستشرسةً في الدفاع عن باطلها ونرجسيتها وباطل عشيرتها وشيخها الذي بدأت سلطته بالإنحسار عن معظم مضارب الوطن والديار.
ومع ذلك ما استطاع صلف وتكبر العشيرة وشيخهم من رد ومنع العشائر الأخرى من الاستشراس في المطالبة بنيل حقوقهم المشروعة والمحقة.
وهاهي خلود تذبل بعد أن كانت النضارة رونقها وقد غدت ضعيفة بلا حول ولا قوة ولا سطوة وفي خطر الاقتراب من شجرة الحياة الذي أصبح محفوفاً بالخطر حد الموت.
فتعب نفسها رطوبة الحقد، وتنعقد منه ثماراً مقيتة، ولم تعد في خجل من الآخرين من رؤية تلك الثمار، ومن قبل كانت لاتظهرها للآخرين، ولم تكن تفضل رؤية حقيقة ماهي عليه من الكراهية والحقد للبشر من حولها من بقية العشائر... وأصبحت في حلٍ ٍ من أمر تسترها أو الخجل والحياء من لباس مزركشٍ بحقدٍ ترتديه ولا تخلعه أبداً
ولكن بقية البشر من العشائر لم يكونوا مبالين بها أو بأمرها وبحقدها أمام سعيهم ونضالهم المكلف جداً من فاتورة الدم لتحقيق مطالبهم المحقة،وتركوها في شأنها من غير أذية لها، فلم تنفع معها كمادات عطفهم الإنساني لحمى حقدها التي ما.... استطاعت تخفيض درجة حدتها وحرارتها أو إطفاء نار لهيب يتأجج بداخلها فيرفع من درجة حرارة حقدها بشكلٍ دائم...ولا حتى المسكنات نفعت هي الأخرى في..... معالجتها..فيتبرعم في مخيلتها الكِبرٌ والصلف والغرور.
فتحث خطاها نحو لقاء شيخ عشيرتها، الذي يترنح سلطانه بسبب منه فهو ما عرف جيداً كيفية حراسة شجرة حياتها وحياة عشيرتها لإستبداده وطمعه .... وأنانيته ومن حوله، و لإفتقاده الحكمة وقوة الشخصية، وتصويبه للأمور، وكان لاستدعائه آخرين من خارج وطنه ومضاربه يشاركونه سلطانه،  ويتنعمون بشجرة الحياة دون مشاركة من عشائر كانت منضوية لوقتٍ قريبٍ تحت زعامته ورايته، القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد كانت خاصة وخاصةٌٌ فقط لمن سبقه من حراس تلك الشجرة لدرجة أن خصوصيتها كانت له ولعشيرته وللزعامات من المقربين من العشائر الأخرى لضمان ولائهم فقط ولم يكن يتشاركهامع الآخرين.من خارج حدود المضارب.
 مما دفع ممن هم حوله للتمرد على صنيعه وفعله المستنكر بنظرهم.
تصل لشيخ عشيرتها الذي تقدسه وتبجله فيمتحنها بشريعتها موضحاً لها أمراً لم تكن تتوقعه ألا وهو أنه سيكون مجبراً على مشاركة العشائر الأخرى شجرة الحياة...فتحترق بنيران حقدها ثانية فلا تسري عليها هذه الشريعة المستجدة والطارئة بحكم الضعف ووهن السلطة والنفوذ حتى بات حارس شجرة الحياة بلا سلطان محاولاً التخفيف عنها ومواساتها بوعده لها بأنه سيرمي بكل البارود والكبريت الذي لديه في محاولة أخيرة منه لإحراق خصومه.
وكان عند وعده لها فأشعل الحرائق في المضارب كلها
وامتدت حتى طالت عشيرته التي رماها العالم أجمع
بالإجرام وشرور الآثام وحكموا عليها بأن لا مستقبل لها في رسم خط بيان حكم المضارب من جديد...
فتصاب خلود بالجنون والإنفصام بشخصيتها ليقينها
بأن حكم شيخ عشيرتها كان حكماً صادقاً عادلاً بالنسبة لها وهو كذلك ولكن مع تغييبها  للعشائر الأخرى من عقلها وقلبها ولحقوقهم.. لعدم اكتراثها بالأساس لهم....... ولمصيرهم البائس المزري وعندما سمعت حكم الإنسانية وتجريمها لعشيرتها وشيخها صبت جام غضبها على الإنسانية والعالم أجمع فهي تراه ظالماً وشريراً مع تغافلها تماماً عن جرائم وشرور وظلم عشيرتها..وشيخها
تتلبسها جنية بروحٍ شريرة ، كان ذلك الجنون بمثابة صك براءةٍ لها أصدرته محكمة المضارب الجديدة بعد عزل شيخ عشيرتها..كان الميزان متساوي الكفين خلف هيئة القضاة التي نطقت وتلت الحكم عليها وبجانب الميزان كان مجسم شجرة الحياة يأتلِق وجميع من في المضارب برموز تشكيلية تحت فيئها ويتناولون من ثمرها بالتساوي...وهم سعداء تلوح المحبة في وجوههم..بعد أن كانت هذه الشجرة لخلود وعشيرتها فقط...وتستمر الحياة....بتقبل الآخر لا بالإقصاء وتهميش من يشتركون في المضارب وكلٌٌ يشكّل امتداداً وعمقاً للآخر....فالمحيط يتسع للجميع من غير قرصنة.
بقلمي.أ.ايمن حسين أبو جبران السعيد ...بلدة اسقاط
سلقين....إدلب..بتاريخ١٣/أبريل/٢٠٢٠ الجمهورية... العربية السورية..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا