عقبات السعادة...مرسي يحيى

 العقبة الكأداء في وجه السعادة

•••••••••••••••••••••••••••••••

أصعب العقبات أمام السعادة هي ( مراقبة الناس والانشغال بهم )


من راقب الناس مات غماً

        وفاز باللذات الجسور


لماذا يموت غما من ينشغل بالناس وبمراقبتهم ؟!

لأنه ببساطة نسي حياته منشغلا بحياة الناس ، بل أضاع حياته وبيته وأمرض نفسه حقدا على الناس إن فرحوا ، وغلا عليهم إن نجحوا ، وتجسسا عليهم وصداعا فاتكا من كثرة الكلام عنهم وعن تفاصيل حياتهم التي لا تنتهي .


قال تعالى : "ولاتجسسوا ولايغتب بعضكم بعضا  أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه "


لماذا تشغل فكرك بغيرك ؟ 

إن كان ذلك لِغِناه ، فاعلم أنه لن يعود عليك من غِناه شيئ ، فمالُه له ولأهله ، فلا تعره اهتماما وانشغل بحالك أنت ، وما أدراك لعل غِناه أشقاه


لا يشتري السعدَ تبرٌ أنت مالكه

      ولا الدراهم تأتي بالمسراتِ


حكت لي جدتي يوما مثلا شعبيا فقالت : "إن عاز الغني شقفة كسرله الفقير زيره "


نظرت إليها مدهوشا ومبتسما وقلت : منعول أبو الاثنين ، يغور الغني بغناه ، ويغور الفقير بغباه .


ينسي هذا المشغول بالناس أن له في بيته حياة خاصة يجب ألا يعكرها بشيئ من خارجه ،


إن خصوصية الحياة في البيت تشبه أهله ، فكما أنه لايتشابه اثنان من البشر في الطباع فكذلك بالتالي لا يتشابه بيتان في أسلوب الحياة ، كل بيت نسيج خاص لايشبه بيتا آخر على الإطلاق وإن تشابها في تصميم البناء .


قال هشام بن عبدالملك للأعمش:

اكتب لي مساوىء عثمان بن عفان ومناقب علي ... !!

فكتب إليه الأعمش:

بسم الله الرحمن الرحيم

أمّا بعد …

فلو كان لعثمان مساوىء أهل الأرض ما ضرتك ..

ولو كان لعليٍّ مناقب أهل الأرض ما نفعتك ...

فعليك بخويصة نفسك فإياك أن يكون شغلك الشاغل عيوب فلان وسقطاته وزلاته 

فإنك لاتحاسب عليها...


وحسنات الناس لأنفسهم لا لك

فاشغل نفسك بإصلاح عيوبك ، والتوبة من سيئاتك ، وزيادة حسناتك ، فهى الباقية فى كتابك …


فعلامة خسران العبد انشغاله بعيوب الناس .


البيوت عوالم مختلفة تماما ، يحدد هذا الاختلاف عوامل واعتبارات كثيرة ، منها الأخلاق والطباع والثقافة والتربية الأولى لكل فرد والبيئة الأولى التي شب فيها كل فرد وتقاليد وعادات كل فرد ، هذه الفروق الفردية المختلفة تصبغ كل بيت بصبغة خاصة جدا فلا يتشابه بيتان مادام الأفراد داخل البيوتات لا يتشابهون .


فكل بيت ينفرد بمذاقه الخاص وجوِّه الذي يميزه ، تماما كالقطعة الموسيقية المتناغمة ، فإذا تخللها صوت آخر من خارجها كان نشاذا يفسد تناغمها واتساقها فيضيع جمالها وتأباها الآذان وتضيع قيمتها الفنية .


الاهتمام بالبيت من الداخل يحقق السعادة للجميع في جو من التناغم والتفاهم والخصوصية . 


ومن شغل أهل بيته بحياة الناس الآخرين فقد فوت عليهم حقهم من الاهتمام والتركيز على أحوالهم والحياة الخاصة جدا لهم  ،


في الستينيات كانت الإذاعة المصرية تذيع برنامج ( ساعه لقلبك ) لفؤاد المهندس وخيريه أحمد ، برنامج فكاهي ، زوجة حمقاء ، زوجها منغمس في قراءة الصحيفة فدخلت إليه تقول : 

_محموووود 

_ نعم 

_جارنا اللي جنبنا مات ياحبيبي

_البقية ف حياتك ياختي

_مراته لابسه فستان اسود يامحمووود ....!! انت مابتردش ليه ياحبيبي ( وهو مشغول بقراءة الصحيفة ) انت عندك اللوز ياحبيبي ... محموووود 


_ناااعااام

_عايزه البس فستان اسود ياحبيبي .


فقام محمود ليربط أصابعها بسلك الكهرباء ثم أوصل التيار الكهربائي ليرتاح .


فمن ينشغل بالناس إنما هو يعيش حياة هؤلاء الناس وينغمس فيها بكل فكره واهتمامه ، وكأنه ليس له حياة خاصة تستوجب اهتمامه ، أو هو بلا بيت يستحق منه التفكير فيه والانشغال بأمره .. وإن من فعل ذلك فقد ظلم أهل البيت جميعا وشغلهم عن حياتهم بحياة آخرين ، وكأنه لم يسمع قول القائلين :


*من راقب الناس لم يظفر بحاجته


     وفاز بالطيبات الفاتك اللهج 


 

*من تدخل فيما لا يعنيه سمع مالا يرضيه ..


*من انشغل بحياة الناس حرمت عليه حياته .


فالسعادة أن يجمع الله شملك ويرضيك بأهلك ، ويجعل همك واحدا ً، وقلبك مطمئنا ً .


 (مرسي يحيى)

من كتابي /

(زيجة سعيدة-أسرار السعادة)

--------------------------------------


رباعية اليوم

••••••••••••


★مالك كدا ياطير فرحان وبتزقزق

والله عندك حق

مانتش بشيء مشغول

بتغني وبتُرزق


(مرسي يحيى)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا