في وصف الغابة... محمد جعيجع

 في وصف الغابة: 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

وَا بُرْءَ قلباهُ ممَن جَوُّها عِلَلُ ... ومَن مِثلي وجسمي عنده المَلَلُ 

ما لي أُمَجِّدُ جَوَّ الغابِ مِن نِعَمٍ ... وتشتكي من هواءِ البلدةِ المُثُلُ 

إن كان يجمعُنا كرهٌ لغَبرتِهِ ... بما شممتُ الهوا قد زارني الوَجَلُ 

جَوٌّ مليءٌ بدخنٍ زادَهُ صَخَبٌ ... والحالُ لا بيننا صَحْوٌ ولا ثَمِلُ 

جَوُّ المدينةِ سمٌّ طال شاهِقَهُ ... منه الأذى وله السِقامُ والعِلَلُ 

الزِفْتُ والنَعْلُ والإسمنْتُ يُتعبُني ... فليتَ أنَّا بشَوكِ الغابِ ننتعِلُ 

فلا خِيارَ بغيرِ الغاب من عِوَضٍ ... والمَشيُ لا مَعَهُ طِبٌّ ولا بَدَلُ 

أنا الّذي نظرَ الأشقى إلى قَدمي ... وأنشطَتْ خطواتي مَن به كَسَلُ 

أنامُ ليلي وغِيبٌ لا تفارقني ... أطيافُها ليلةً قد عادَها أمَلُ 

في جَولةٍ غَدُها صُبْحٌ وفيه لها ... أغدو ولا يثنني بَرْدٌ ولا هَطَلُ 

صيفٌ..شتاءٌ..ربيعٌ والخريفُ بأمْـ ... طرٍ فما همّني طينٌ ولا بَلَلُ 

أمسي ولم تُؤذنِ أفعى ولا حَنَشٌ ... ولا العقاربُ في أشواكِها وَجَلُ 

وأنتقي لمَسيري خِلّةً رشدًا ... ولا يرافقني ذلٌّ ولا رَفَلُ 

الحَرُّ والفَرُّ والأشجارُ قد نشرتْ ... أغصانُها ظلّةً في فيئِها جَلَلُ 

إذا رأيتَ طُيوفَ الضوءِ خافتةً ... فلا تضنّنَّ أنّ الضوءَ يكتَحِلُ 

فالشمسُ ساطعةٌ والغِيبُ باسقةٌ ... ولا تخالنَّ أنّ الليلَ ينسدِلُ 

المَشيُ والغِيبُ والعَرْعارُ يعرفني ... والضأنُ والفحمُ والتِحْواسُ والجَبَلُ 

النَبْتُ والعُشبُ والأرنابُ تأمنُني ... والضبعُ والذيبُ والغِربانُ والحَجَلُ 

عصفورُ سِدْرٍ وحسّونٌ شدا طربًا ... والهُدهُدُ العُرْفُ تاجٌ حازَهُ البَطَلُ 

طَيرُ العُقابِ وزُرْزورٌ وقُبَّرَةٌ ... والبومُ والصُّرَّدُ انتابَ الغِذى شَلَلُ 

الثعلبُ الخَبُّ والظُرْبانُ راصدَةٌ ... أشواكُهُ كلّ أخطارٍ لها الكَفَلُ 

التالْقودَةُ للخنزيرِ مأكَلهُ ... والطائرُ المُرضِعُ الخفّاشُ والفَحَلُ 

وقُنْفُذُ الشيحِ واليَرْبوعُ من عَجَبٍ ... لطولِ رجليهِ والجِرذانُ والجُعَلُ 

الصَيْدُ بارودَةُ الصيّادِ في رَصَدٍ ... لحَجْلَةٍ..أرنبٌ قد ساقَهُ الأجَلُ 

والصَيدُ من شَرَكٍ يُبنى ومَنْعُهُ فيـ ... هِـ أشْهُرٌ حُرُمٌ والكلبُ والجَذِلُ 

والعنكبوتُ بنى بيتًا يرومُ بَعو ... ضًا صادَهُ وذبابٌ نابَهُ الأجَلُ 

جرادَةٌ وفراشاتٌ وعِشُّ دَبا ... بيرٍ بلسعِهِ واليَعسوبُ والوَحَلُ 

الصَحْبُ والزَهْرُ والميّاهُ تُؤنِسُني ... والرَكْبُ لا مَعَهُ بَغْلٌ ولا جَمَلُ 

السَرْوُ والضَرْوُ والبَلوطُ من كَرَمٍ ... والسِدْرُ والتُوتُ والزَعْرورُ والظُلَلُ 

الرَتْمُ والشيحُ والمَرْيوتُ من وَفَرٍ ... والفُجْلُ والزَعْتَرُ البِرِّيُّ والحُلَلُ 

ڤِرْنينَةٌ به والخرشوفُ من ثَمَرٍ ... والحَرْمَلُ العُشْبُ والإكليلُ والمَثَلُ 

الجَوبَرُ النَبْتُ لِلتِرْفاسِ سابِقُهُ ... والفِطْرُ والڤِيزُ والزَيْدومُ والبَصَلُ 

الديسُ والعَوْسَجُ المِشْواكُ فاكهةٌ ... ودِفْلَةُ الوادِ والحلفاءُ والأمَلُ 

له ينابيعُ ماءٍ والصَنَوْبَرُ أعْـ ... طى بِذْرَهُ وحَمامٌ مازَهُ الزَجِلُ 

النحلُ يرعى رحيقَ الزَهْرِ يصنعُهُ ... شَمْعًا وتلقيحُ أزهارِ الربى عَسَلُ 

النملُ يسعى لجمعِ القوتِ من جَهَدٍ ... في عِبرةٍ للوَرى قد حادَهُ الكَسَلُ 

حَواجِزُ الماءِ أمْطارٌ لتَملَءَها ... بغابةٍ طاڤَةٌ في غَيْثِهِمْ أمَلُ 

صُنعُ الإلهِ علا سُبحانَهُ وتعا ... لى للحياةِ قَوِيٌّ حادَهُ الفَشَلُ 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

محمد جعيجع من الجزائر 30 أكتوبر 2021

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

موطني..محمد الشريف بن زراري