صور في ذاكرة متعبة..سالم عكروتي

 صور في ذاكرة  متعبة


ص 55

...... شموخ  يتهاوى   وإصرار  يتكسر  على  صخرات  الواقع  الأليم ، لكنه  دام  مستقيما   بروح  التحدي   رغم  أيام  الضنك  ومر  عشناه ، تجرعناه  ،مرارا بصمت  وصبر  طويل .

هكذا  كنت  أراقب  أبي، أنا  الطفل  الصغير   يحدوني  أمل  و  أفق  وردي  شاسع  أطل  عليه  من  رتق  ستار  (القيطون) خيمتنا  الرائعة  ،حين  يداعبني  شعاع  الشمس  بدفئ  لين  لذيذ ، كنت  أرتقب  كل  الصباحات    ومن  خلال  أغصان  شجر  الزيتون  الممتد  كأحلامي  وأماني  تحجرت     ورغبة  ملحة  أن  أحمل  قلم  وكراس  وأن  أؤم  المدرسة  كالمارين  حذوي على  مسارب  العلم  والمعرفة  وأنا  أركض  متعثرا  على  طريق  موحل  جنباته  فقر  وتيه  وجوع ،  نظرات  أبي  البائسة  الصارمة  وخنوع  فيها  يجتره  بألم ، يمر  في  أوصالي   ليقف  سؤالي  وحيرتي ، وتحتويني  رهبة  الوجود    والخوف  من  الآتي  الغريب.

عم  بشير  يركن  سيارته  العتيقة  مساءا ، أمي  الهزيلة  الصامتة  الصامتة  تلملم  بقايا  خيمتنا  المقوضة   وأثاث  بسيط   عهدنا  وعهدناه ، أبي  في  الصندوق  الخلفي  للسيارة  يرتب  الأغراض  ورحلة  عودة  قرارها  تلبية  نداء    جاء  من  صرخة  دوت  في  القلب  والضمير    ، لامسها  الأب  في  تساؤل  من  صغيره  يتوق  إلى  النور.

قبلات  سريعة  وشهيق ساكن  ودموع  تترائى    حاولت  النسوة  إخفاءها  هن  يودعن  أمي   على  أمل  لقاء  سعيد  بطعم  الكد  و حر  الأيام

. دمدم  صوت  السيارة ، إنبعث  دخانها  كثيفا  ، تعرجت  متباطئة  في  مسالك  وعرة  بين  أشجار  الزيتون  المودعة  بإجلال  وكبرياء ، أمي  تضمني  إليها ، المغيب  يزحف ، بظلمته ، السيارة  تطوي  الطريق ، ريح  تعزف  وصمت  يتخلله  نعاس  يراودني  ويقضة  دائمة  أن  الشروق  في  الإنتظار ، والمدرسة  وأقلام  وكراسات  ولوحة  سوداء  صغيرة  وطبشورات  كما  تخيلتهم  ، هذه  إنتظاراتي  ووجع  أبي  ودعاء  أمي    في  رحلة  عودة  ،تغريبة  رائعة  وحلم  أروع


سالم  عكروتي (أبو عيسى)

تونس

28/12/2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا