قال احد كان يحمله لسانه بندقية..حسن السلموني

 قال أحد كان يحمل لسانه بندقية ، كان يطوف بين الأزقة الفقيرة يزرع صرخته في صدوع حيطانها التي يسيل منها دمع من قطر الطين ، و لما قضى رحلة الخريف عبورا بين الزنازن ، شكل منه الجلاد رسما على لوحة من جدار الانسان ، تحمل في معلقها على بوابة فرج الولادة هيكلا من العظام ، يعرض في حارة الجحيم فروه البالي للبيع ، فيكون الاستهلال عويل فزع و جزع من التي خرج عليها يستغيث ، فتأخذه منها طقوس الإعدام و تعيده إلى الأرحام جثة نثنة لا تسقى أبدا من روض الحياة ، إن الباطل لجبان يريد أن يحجب كل نور تصدره مشكاتنا التي بنينا لها من الجبال صرحا ، إنه لا يستطيع المبارزة إلا من خلف ظهراننا ، و لا يقوى على اظهار يد الشر إلا عندما تشتد ظلماء اللجة ، عندها يتطاول على نزع الروح ، فيسقط من غصن الظل الجسد مغتالا ، فينوح الظل بجانبه و يبكي سخرا من قوم أراد أن يكون لهم وزيرا منقذا ، و ما هم في الحافية إلا أزلام من حجر لا تنبت فيهم الحياة و لو يلبتون في الغيث طوال الدهر غمسا ، لا لحام لانفلاق الطرائق فهم في الركوع مقحمون عواقا لا انتصاب لأعناقهم ، إن أعظم مجرم في الكون و الذي يتخذ من الأرض مستقرا له هو ذاك الكائن الآدمي الذي يتخفى متخذا من قشور الانسان غطاء يثير من تحته الفساد و ينشر ، و ينأى بحاضره بعيدا الذي بنى بلبه سفينة و سوى كفه قنديلا يضيء به حدث الحديث كاشفا عن المخبى ،و يظهر المنظور المقرى جاعلا بينه و بين المخلفون العمي و ما يعبدون ردما ، فيتلقى من قرة خياله أنه ملاقي الوأد و هو شيخ وقور ، فأتاه خيال من ظله يحمل على نعش الشمس جثته و هي مكوى بأوشام العقاب تحدير خلف ممن أراد أن يركب على عقب النضال المحظور ، إن العيون قد سدت و الألسن قد بثرت ، و الصمت قد نسج الحزن على منسج الخوف ، و لا تسمع في المأتم إلا نهيق المدن الصاخب من المآذن المصنوعة من أجسام العبيد ، و هي في لمة قجقجة استهزاء على ظله و هو يحمل كريم جثته مكسرا بوابة السجون ، تمشي الجنازة على ألا طريق ، و لم يعثر نعلها على شبيه طريق يؤدي بها إلى قبر يأوي ما تبقى من فضلات الجسد ، و على منكب الشارع لا وافدا يتلقاها معرضا عن نظام الجريمة ، داخل فجوة في غفوة بين الآخرة و الأولى كان يقص رؤياه على ظله ، فيكلمه ظل جسده على سبورة الزنزانة رمزا ، و هو ينظر إليه من وراء القضبان نظرة سخر كيف ينهش العقاب مما تبقى من الانسان من تراب يدريه الطغاة في العدم ، و ينتهي الحفل عند مفترق النوم برسم الجثة على هيئة قبر يحملها كف الأرض ثقلا غليظا ، فيحوي داخل مرقده اللجي أجداد أصابعه متخذا من أظافره أقلاما يحفر بها على شاهد القبر لغة لم تتنزل بعد على الألسنة ، فلا تساوي بين الألسن عند النطق إنها حمالة للكذب و الافك ، أصحابها أقنان من الأحزاب يستخدمون تمائما حول عنق شعب من العبيد ، ليدحضوا و يبطلوا كل من يريد أن يزرع فسيلة الحرية على مزهرية الشمس ليظل بنورها الأرض ، و لقد اجتمعت الأحزاب على اختلاف مشاربها في ماخور الذي أنشأها و أراد بها أن تكون لكتابه محضنا ، تنفذ طائعة أمره الخسي و بالمرزدق تنحت على أجسام الطين جهلا و بؤسا يرضي ما يطلع إليه من خلق بشر من الحجر ، تبدوا له وجوههم بالية مقمصة عليها حفر ذات أخاديد مغضنة ، يملأها حالك الدجنة فتسود من الذل و كأنها بقطعة لجة مغلفة ، في محجرها مقوقعة عليها غطاء من جبيب ، حتى إذا وخزتهم برمح اليقظة لا يتزاورن عن موضعهم المكتوب ، مغمضة جفونهم بالعمى أن لا تقرض شروق فجر ثورتنا ، فتراهم في أسواق النخاسة و هي مدن متشابهة لا ميز بينها ، تراهم فيها كالأنعام دلو الأذقان و هي تتدلى من الأعناق قرابين لآلهة الاستبداد ، و إذ تضرب لهم بعكاز النور شق سبيل الحياة لهم ، يلاقوك بجباه ناصيتها من الصخر تفور جحوظا ، فتراهم في معبد النخاس يؤدون صلاة العبودية هرجا على إيقاع قرقبة الأغلال المعقودة على الأكعاب ، و أذا سجنت نفسك فيهم فإنهم يمارون فيك نعت أردل العقل مخبولا .

الأديب حسن السلموني

ا

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‏شخص أو أكثر‏، ‏نظارة‏‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏

📷

📷

٨Abdellatif Elmansouri، Abdou Abdelghani Abdou و٦ أشخاص آخرين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا