الشرخ العميق... عبد الفتاح حمودة

 الشرخ العميق

*وفاء صديقه عمرى تربطنى بها علاقه حميمه منذ الصبا ولم يكن زواجنا مانعا لاستمرار علاقتنا بل زاد من أرتباطنا فكنا نلتقى جميعا مابين وقت وآخر سواء داخل البيت أوخارجه

وأستمرت  الأمور بيننا على هذا المنوال حتى حدث ما يعكر صفوها فقد توفي زوجي بشكل مفاجئ ونحن نقضى بعض الوقت على شاطئ العجمى بالإسكندرية فقد شعر بألم شديد في صدره ومات أثناء نقله إلى أحد المستشفيات هناك.

لم تتركنى وفاء لحظه واحده منذ وفاه زوجي وبذلت كل ما فى وسعها لتخفيف شده الحزن عنى ويكفى أنها وراء إحباط محاولات عديده لانتحارى فقد كان موت زوجي صدمه كبيره لى وكان من الصعب على أن أتحملها لولا وقفه وفاء الجاده معى ماكنت أعرف كيف تكون حياتى ليس هذا فحسب بل كانت تحث زوجها هو الآخر على مساعدتها في التخفيف عنى الحزن الشديد .

ولم تجد وفاء وسيله سوى أن تصحبنى إلى الفيلا الخاصه بها في مرسى مطروح لأبعادي عن هذا الجو الحزين.

وهناك قضينا بضعه أيام مابين شاطئ البحر وجوله مساء كل يوم فى شوارع البلد لشراء احتياجاتنا ولعل تغيير المكان له الفضل فى التخفيف من حده حزنى.

وبعد أنتهاء المده  الحت وفاء علي البقاء معها فى بيتها ريثما يعود زوجها من مهمته الخاصه بالعمل التى أضطرته للسفر لأحد البلاد وذلك لشراء بعض الأجهزه الخاصه بعمله .

ولما حان موعد عوده عصام من مهمته كان يجب أن أعود لبيتى ولكن حدث مالم يخطر ببالنا أبدا. 

عند أنصرافي صاحبتنى وفاء لتوديعى وعند النزول من الطابق الثالث الذى تقع فيه شقتها فجاه أختل  توازنها وسقطت على الدرج وظلت تدور حول نفسها فوقه حتى وصلت إلى نهايته عند مدخل البيت وصرخت بأعلى صوتي ونزلت وراءها بسرعه أحاول إنقاذهاولم أكف عن الصراخ من هول ما حدث إلا عندما وجدت عصام أمامي.

وحملنا وفاء وأركبناها السياره ووصلنا بها إلى أقرب مستشفى وبعدالكشف عليها تبين وجود كسر فى قدمها اليسرى وبعض الإصابات في الصدر والظهر وقرر الطبيب وضع القدم فى الجبس لمده ثلاثه أسابيع وإجراء بعض عمليات الجراحه والضمادات اللازمه لها.

وكان لابد من بقاءى بجوارها سواء في المستشفى أو بعد خروجها منها وذلك للقيام على خدمتها ريثما تسترد صحتها وفى البيت كنت أقوم بكافه الأعمال من إعداد الطعام والنظافه والغسيل و..الخ وكنت أعد لوفاء طعامها الخاص الذى أمر الطبيب به وأعد طعاما آخر لعصام ولى ولأن وفاء تتناول طعامها وهى فى فراشها بينما نتناول أنا وعصام الطعام على المائده وكانت هذه هى المره الأولى التي أخلوفيها أنا وهو وأن كان في وجود وفاء .

ولا أعرف لماذا أحسست ببعض الأطمنان لوجوده معى وشعرت كأنني أنا وزوجى نتناول الطعام معا.

وأسعدني كثيرا أنه قد أعجبه الطعام الذى أعددته فقد لاحظت أنه يأكل بنهم شديد.

ولما أعددت الشاى ذهبت لوفاء فوجدتها نائمه فتركناها وجلست أنا وعصام فى الشرفه وطال بنا الوقت دون أن نشعر به ولا أخفي عليكم سعادتى بكل هذا الوقت وتمنيت أن يطول بنا أكثر من ذلك .

فى الصباح شعرت بغيره شديده وأنتابني  الحزن عندما رأيت عصام يدخل ليرى وفاء ولعله لاحظ ذلك حيث فوجئت به يتصل بى هاتفيا وأفهمني بطريق غير مباشر أن مافعله حتى لاتشعر وفاء بأى شىء وتتاكد أن الأمور عاديه تماما.

وقبل حضوره على موعد الغذاء كنت قدخلعت اللباس الأسود وأستبدلته بثوب آخر وحرصت على الأهتمام بمظهرى وتسريحه شعرى وأستعمال  بعض ادوات التجميل وما أن شاهدنى عصام حتى تعثرت العبارات فى فمه ولم تفارق عيناه النظر إلى وقال لى هامسا (كان فين ده كله ياامانى) وجلسنا نتناول الطعام وهذه المره جلس بالقرب منى وبدأت أشعر أن علاقتى به قفزت قفزات سريعه ولعل هذا الحس بأن عصام كأنه زوجى ولعله هو الآخر أحس بنفس الإحساس ولهذا كنت أنتظره بلهفه المشتاقه لرؤياه وأتاهب  لإستقباله فابدو له فى أبهى صوره وأسعد بعباراته الرقيقه ونظراته المتلاحقه لى ومديحه المستمر على نوعيه الطعام الذى أعده له في كل مره .

وذات يوم طال بنا الوقت دون أن نشعر به وهذه المره كانت سعادتنا فوق أى مره لاأعرف  أكثر من أنني أجلس إلى زوجى بالفعل ولهذا جلس بالقرب منى ووضع يده على كتفى وفجأه هب عصام واقفا وأسرع إلى غرفته ..بينما وقفت أنا مكانى بلاحراك من هول المفاجاه.. حيث فوجئت بوفاء  ملقاه على الأرض بعد ان أعياها  الزحف على جسدها لتصل إلينا أسرعت إليها أساعدهاعلى النهوض فاذبها تنهرنى بشده وتبعدنى عنها بقوه ساعتها فقط أحسست بالجرم الذى فعلته وغلبنى الاحساس بأن عصام بمثابه زوج لى وأن  المرأه اذا فقدت زوجها تشعر بأمس الحاجه لمن يعوضها عنه ويعيد إليها روحها التي أفتقدتها.

شعرت بالندم الشديد لما فعلته وتمنيت لو كانت وفاء تركتنى أقتل نفسي ولم تمنعنى من ذلك.

أما هى فاجهشت بالبكاء وهى لازالت ملقاه على الأرض وقالت ( لقد شعرت أن هناك مايحدث بينك وبين زوجى عندما وجدتك تستبدلى ثوبك الأسود بثوب آخر ورأيت مدى حرصك على العنايه بمظهرك وأستعمالك للعطور وأدوات التجميل.و... )

ولم أجد ما أقوله لها كل ماسمعته من وفاء كان دافعا قويا لإيقاظ ضميري الذى نام هو الآخر وراء الحس بالاطمئنان إلى وجود عصام فى حياتى كأنه زوجى.

أسرعت إلى حقيبتى ووضعت فيها كل أغراضي وغادرت المنزل وقلبى ينفطر حزنا.. ورحلت عن وفاء للأبد بعد الشرخ العميق الذى لحق بصداقه دامت سنوات طوال (عبد الفتاح حموده)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا