دعيني افكر قليلا..حسام الدين فكري

 دعيني أُفكّر قليلاً

شعر : حسام الدين فكري

**********************

هذا الطلل الأسود ليس أنا

هذي الحديقة الخرساء، ليست حديقتنا

تلك الخٌطوط الدامية في جبهتك

لا تُشبه طُبولنا التي تصدح فَرَحاً

رقصتك لم تكتمل

لأنني كُنتُ غائباً عن نفسي

تلك الرقصة تتطلب ثُنائياً

أنا أحدهما !

سوف نرقصها بعد القتل مُباشرةً

لابد أن نقتل ذاك الشبح معاً

هل هُو ما يُطلقون عليه "زومبي" ؟!

لا أعرف

لن يسير الموتى أبداً، إلاّ في خيالنا

هو إذاً في خيالنا

دعيني أُفكّر قليلاً

أُحاولُ العثور على خيط واحد

يربط بين ثلاثتنا، فوق خط الوجود

لم أجدُ شيئاً، إلاً الوَهم

قد يجمع الوَهم بين رجال ونساء

لم يعرف أحدهم الآخر يوماً

هو إذاً من أوهامنا

دعيني أُفكّر قليلاً

ما الذي أتى به إلى أرضنا ؟!

كيف أراه أنا وأنت فقط ؟!

أذكر أن المارة كُلّهم، لم ينتبهوا لفحيح صوته

لم يروا عينيه تبرقان في الظلام

لم يلمحوا شيئاً من أنيابه اللامعة

لم يفرّ أحدٌ منهم، حين طار بجسد الفهد

وجناحيّ الصقر، فوق رؤوس النيام

كُلّهم كانوا نياماً، فيما كُنّا أنا وأنت

نتخبّط بيقظتنا في طُرقات الأيّام

دعيني أُفكّر قليلاً

الآن تعبر رأسي فكرة، أظنّها جيدة

هذا ابننا الذي لم نلده بعد

يتحوّل في لحظات من شجرة، إلى حيوان

إلى طائر، إلى صخرة، إلى إنسان

هذا وليد الصراع الدامي، الدائر تحت أوردتنا

بين فوضى الأماكن، وتوازي الأزمان

هذا الخَلَل المُتجسّد روحاً

يأكل لحظاتنا، ويستنشق روحينا

يسيلُ ماءاً، يعصفُ هواءاً

يهتزُّ زلزالاً، يدُّقُ نواقيس الأوطان

هذا خُبز يابس، غُصن لدِن، بوق فارغ

مزمار مُصمت، لحن صاخب

هذا مُبدع، هذا فنّان

هذا آلة التنبيه المُعقدّة

التي تقتحمنا بلا صوت، ثُمّ تزأر كالطوفان

دعيني أُفكّر قليلاً

هذا حاصل جمع، أنا وأنت

والأمل واليأس

والموت والحياة

والصدى والسحاب

والعبقرية والهَذَيان !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا