وافترقا....عبد الفتاح حمودة

 ... وأفترقا

على نغمات فيروز (شايف البحر) كانت ترقص طربا وفرحا.. والإحساس بالسعاده يسري إلى كل أرجاء جسدها فتهزه في حبور وبشرلدرجه أنها رغبت في أن تخرج لشرفتها لتصرخ إلى كل الناس وتخبرهم أنها قد وجدت من كانت تتمناه وتحلم به منذ الصغر رجلا يريدها لنفسها.. يختارها هو يشعرها بالحياة بعد أن عاشت حياه جدباء بعد أن  فقدت معها كل معنى للحياة.. وها هو قد جاء الرجل الذي أهداها هذه الأغنية التي تفيض بالمشاعر.. وينساب منها أرق الأحاسيس وأعطرها. وبالفعل خرجت إلى الشرفة. ولكنها فوجئت به يقف هو الآخر في شرفها أمها التي تقيم في البيت المقابل لبيتها وقد جاء للزيارة كما تعود مابين وقت وآخر للسؤال عن الأهل .

شعرت بالخجل الشديد وتراجعت على الفور ولا تدري هل رآها أم لا.. ولكنها أيقنت من أنه رآها لأنه لايكف بصره عن النظر إلى شرفتها كلما جاء للزيارة وكثيرا ماكانت تراقب هذه النظرات التي تفيض اشتياق ورغبة في رؤياها من خلف ستار شرفتها.

آخر مره التقت به جاءت مصادفة عندها كان عائدا من زيارة أهلها  وذهب ليستقل القطار عائدا إلى بيته بينما هي كانت عائدة إلى بيتها بعد أن كانت تشتري بعض الأشياء لبيتها.. التقى بها وتحدث معها وعند الانصراف أهداها هذه الأغنية لفيروز.

هاهو أمامها يطل من شرفة والدتها بنظره المشتاق لرؤيها ينتظرصدي الأغنية التي أهداها لها والتي تغني عن كل حديث.. وتخفف عنه وطأة الإحساس بالتقصير في التعبير عن مشاعره نحوها وأن كان الرجل لازال يشعر بالافتقار إلى أسلوب أرقى للتعبير عما يملأ جسده من أحاسيس ومشاعر لهذه المراه ولعل الأغنيه المهداه لها هي بمثابة فاتحة شهية ونقطة انطلاق لماهو أشمل وأعم أو لعلها إشارة يفهمها اللبيب فترفع عنه كاهل الإحساس بالعجز والتقصير في وصف مكانتها العميقة في نفسه.

أما هي فما كانت بحاجة للأغنية لتفهم وتشعر بمدى مكانتهاعنده ولعلها أكثر فهما من اللبيب الذي يفهم من الإشارة فقد فهمت هذا كله وشعرت به من أول نظرة  لامغالاة في ذلك وإنما هو واقع فعلى وحقيقي.

جاءت من خلال أول لقاء بينهما بدون ترتيب أو إعداد له عندما نشب خلافا بينها وبين زوجها _كالمعتاد_فقد تزوجت منه رغما عنها تحت ضغط من والديها بعد أن كانت ترفض الزواج من أي شاب على أمل ان تجد من تهفو روحها إليه وترتاح نفسها له. ويرجع ضغط والديها لأن الشاب هو جار لهم وله من الصفات ماتتمناها أي فتاه في زوجها ولقناعتهما أن المشاعر تأتي بعد الزواج.

ولكنها لم تسعد يوما منذ زواجها ولهذا كثيرا ماينشب خلافات بينها وبين زوجها فتترك البيت وتذهب إلى بيتها أمها فيجتمع الأهل في حضورها وزوجها أيضا لمناقشة الخلاف بينهما وينتهي الأمر إلى أن يصطحبها زوجها للبيت إلا أن هذه المره تعقدت الأمور وحدث ما لم يكن في الحسبان.....

هذه المرة تركت بيتها على إثر خلافا مجددا مع زوجها وتواجد الاهل_كالمعتاد_لانهاء الخلاف ولكن هذه المرة لم تطاوع أهلها للرجوع للبيت فوجود هذا الرجل والرغبه في لقاؤه في بيت أمها سببا لعنادها ورفضها للصلح مع زوجها ولهذا رأي الاهل بقاؤها لبضعة أيام ريثما يهدأ الامر.

على الرغم من أن لقاؤها بالرجل كان لقاءا عاديا ولكنه ثرك أثرا واضحا في نفسها وبدأ جنين المشاعر يتحرك فيها ليس هي وحدها وإنما هو الآخر فقد بدأت نظراته تحلق تجاه شرفتها بحثا عنها كأنه يطلب منها أن تأتي لأهلها ولاتكف عن زيارتها لهم ليراها ويتحدث معها وهكذا قفزت العلاقه قفزات سريعه في وقت محدود.

ما مصير هذه العلاقة؟

والي أين تقودهما سفينتهما..؟

هكذا قفز الفكر المؤلم إلى خلدها.. وقد شغلها نشوة اللقاءات.. والمشاعر التي وجدتها.. ونست أو تناست أنها امرأه متزوجه وكان لابد من إيجاد الحل المناسب لهذا الامر...!...

جاء الرجل إلى بيت أمها _كالمعتاد_طلق الوجه تبدو عليه علامات السعاده لأنه وجدها عند أمها فقطعته على الفور وأخبرته بالأمر وساد الصمت بينهما..

أشفقت عليه من إيقاظه من حلم كان يعيش فيه بل وهي الأخرى عاشت فيه.. ما أثقله عليه بل وعليها هي الأخرى. لاهي ولاهو يتمنى أن ينتهي أمرها على هذا النحو  وان كان الأولي أن ينتهي منذ مهده ولكنها كانت بحاجة من يشعرها بالحياة وينتشلها من الغرق من حياه  لاروح فيها.

وهو الآخر ظل يبحث عن ضالته المنشودة يودعها مشاعره واحاسيسه فتبادله بمثلها.

وكان لابد من الفراق.. وأفترقا..

مرت الأيام. . توفي زوجها وتمنت أن يصل هذا الخبر إليه فلم يعدهناك حائلا بينه وبينها..  وشعرت أن مشاعرها تجاهه قد بدأت تتحرك وتتوهج وشعرت أنه قد حان الوقت لتبدأ حياتها الحقيقيه.

وعاشت تترقب عودته فتطل على شرفة أمها على أمل أن تراه فكم اشتاقت إليه.

وذات يوم وهي غارقه في حلمها والغد المشرق سمعت رنين الهاتف يرن بإلحاح فنهضت للرد عليه وكان هو.. نعم هو وما أن وجدته حتى أنها لم تدرك ماذا تقول له من شده فرحها به و....

وأثناء حديثها معه سمعت إمرأه تنادي عليه :ياحسام. ياحسام

_نعم ياسعاد

_انها زوجتى يااماني 

_زوجتك....!!!

أحست كأن القدر يرد على صفعتها التي صفعتها على وجهه من قبل عندما عرفت بأنه قد تزوج.. هاهو يقفل الباب في وجهها فإذا كانت قد طلبت منه الفراق فهي الأخرى لابد لها أن تبعد عنه

وأفترقا....!!

مع تحيات /عبد الفتاح حموده

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا