ضقت بالشقوة... محمد رشاد محمود
(ضِقتُ بالشِّقوَةِ والجُلَّى يَدا) ـ (محمد رشاد محمود) في مَطلع شتاء عام 1980 ألقت بي الأقدار إلى غُرفَةٍ في مأدبـــا بالأردن ، لا تمنعُ بردًا ولا تَصُدُّ هواءً ، إذا فتَحتَ بابهـا استَقبَلَك فضاءٌ أجرَدُ من الأرض يُفسِحُ للصِّرِّ في ليالي الشتاء مهبَّاتِ صَولَتِه ، وينتهى بهضبَةٍ تأخذ بخناق الأفق في مرأى العينِ ، إلا أنْ يُطِلّ من ورائها بدرٌ شاحبٌ يُعينُ على النَّفسِ أتراحَها ، فإذا تقدَّمَ الشتاءُ نثرَ على الأرض الشَّبَمَ مُجَسدا في رشاشِ الثلوج ، ورزوحًا تَحتَ هذه الحال مع ما في النفسِ من مَوجدة كانت هذه العبرات : في ظـــلامِ اللَّيـْـــلِ يَنهَــــــلُّ المَطَـرْ تَنـــعـقُ البــُــــومُ ويَـصفَـرُّ الـقَـــمَــرْ ويَئِـــزُّ الـــرَّعْـــدُ في جَـوفِ الـفَـضَـا لاجِمًـــا بالـــرِّيـحِ أعطـــافَ الشَّجَــرْ هَـــكَذا حـالـي وذا قلـــبي الكئيـــبْ لا أرَى فـي غُربَتي لـي مِـنْ حبيـــبْ مَوطِنـــي نــَــــــاءٍ وأهــلي وهَـــوًى كـانَ فيـــهِ العُمـْـرَ لي طِبٌّ وطِيــبْ غاضَ ِمِنـــهُ الخَفضُ والـبِشرُ مَعــــا كَيــْـــفَ لا يَضْغو ويَكـوي الأضْلُـعَــا كُلَّـــــما جَـرَّعـ...