حوارات وافكار. ج1... بركات الساير العنزي

 الكاتب القاص

بركات الساير الفدعاني

كم مرة تتفتح الزهرة،وكم مرة تسافر الثورة

تفتح الوعي في تلمسان

من مجموعتي القصصية

حوارات وافكار

ج1

كانت حياة سامر تقوم على المجون والسهر،لم يكن يأبه بأعباء الحياة،فحياته فارهة وما ورثه عن أبيه والمحلات التجارية التي يملكها كانت تغنيه عن الحاجة وذل السؤال،كانت تهمه الليالي الحمراء وسهرات القمار،وشرب الخمر،ومغازلة الجميلات،كان عقله فارغا لولا ماله لكان من سقط المتاع،المال أحيانا يغطي على غباء الشخص والخواء الفكري الذي يعيشه،رغم الشهادة الجامعية التي يحملها تجارة وإدارة أعمال،وكثيرا مايتغامز  أصحابه عليه فيتهمونه بالغباء،وأن شهادته الجامعية جاءته بماله وكثرة هدياه لأساتذة الجامعة الذين كانوا يجاملونه،حتى أن صديقا له يحمل شهادة دكتوراة في التاريخ،وهو لايحمل شهادة جامعية،اشتراها من مزور في قسم امتحانات  الجامعة،ولكن ليس لها أصل ولا رقم متسلسل،اشتراها ليناديه الناس دكتور،

وهكذا اعتاد الناس أن ينادوه دكتور خالد.الصديقان متشابهان في طباعهما وأخلاقهما وتصرفاتهما،وهما عديلان في الزواج إذ أن زوجتيهما أخوات. 

منال ومنيرة اختان على جانب كبير من الجمال،ومنال زوجة سامر،فهي ذكية ،وتمتاز بجمالها وقوة شخصيتها تنهار شخصية زوجها سامر أمامها فيصبح أخرسا مطيعا لايخالف أمر لها.

دخل سامر البيت وهو يبتسم وٱثار ضحكة كبيرة على شفتيه،

قالت له منال: ماالذي عندك ياسامر؟ ماالذي يضحكك؟

قال سامر أضحكني صديقي الدكتور خالد،،يريد منا أن ندخل باب السياسة،وأن نترشح للمجلس البلدي في تلمسان.

قالت وماالغريب في ذلك؟

قال سامر ندخل انتخابات ونلقي خطبا وندخل مجالا غير مجالنا،نحن مجالنا الاقتصاد،،

ماذا تفيدنا السياسة؟

قالت منال: ماتسميه سياسة أنت تمارسها ولكن من غير أن تعرف.

قال: كيف أنت تدفع أتاوات ورشاوى للمسؤولين كي تسير أمورك المالية،وعندما تدخل المجلس البلدي تسير أمورك بنفسك،وتصبح أنت من يأخذ المال كي توافق على الوكالات والرخص والأمور التجارية،وهذه محطة أولى لتصعد للمجلس الوطني والوزارة ووو

قهقه  سامر عاليا وقال: وزير مرة واحدة،وفغر فاه وضحك،

قالت له: نعم الوزراء ليسوا أحسن منك .

قال: ولكن كيف؟

قالت : شراء المناصب بالفلوس والجاه،وأنا أكلم لك أبي كي يعينك في المجلس البلدي،

قال ،،كيف يقنع الناس أن ينتخبوني؟

قالت: هل تصدق أن هناك انتخابات إنها مسرحية،ولكنكم لا تفهمون الحقيقة، 

قال نعم،أنا لم أفهم هذه الحقيقة،

قالت،،أنت رغم شهادتك ولكنك قليل الوعي. يهمك المجون والسهر،أنا أعرف حقيقتك.

أنت تلبس عباءة وتخلع جلبابا،ثم تخلع العباءة وتلبس الجلباب،قال لها،،لم أفهم كلامك ،هل يمكن أن تفسري لي كلامك؟قالت له كيف يمكنك أن تفهم ووكرك في الملاهي والكازينوهات أنت في صراع في نفسك،،أنت تعيش في جو مشحون بالفساد.

وقالت في سرها ،،هذا النوع المطلوب في السياسة ويرضي الباشا الكبير.

قال سامر والله اللعبة كبرت.

حضرت صديقة منال في زيارة صديقتها  ثريا برفقة  منيرةأخت منال

قالت منيرة،،اشتقت لك يامنال،ولحديثك الممتع،كيف أحوالك مع زوجك؟،،قالت منال،الحمد لله أحوالي جيدة وهو مطيع لي،وربحه في تجارته متميز،وحالتنا طيبة،قالت ثريا،،لم تنجبي بعد ،هاهي منيرة لديها ولدان ،إذا أردت تمتلكي الرجل فأنجبي أولادا عندها لايستطيع التحرك،قالت منال،،الرجل إذا أراد أن يلعب بذيله فلن يمسكه أولاد ولا غيره ،سامر بيدي وأنا أعرف كيف أحركه،،

أمس دخل علي وهو يحمل ألبوم صورنا،قلت له،أين كان؟ قال..كنت أري صديقي صور عرسنا،

قلت له هناك صور لي و لباسي كان غير مناسب،فقال،،

عادي ،،هذا صديقي.

ضحك النسوة الثلاث لتصرف سامر.

قالت ثريا،،هل رأيتم مظاهرات تلمسان أمس،،قالت منيرة.شاهدتها من بلكون بيتنا،مطالبهم كثيرة،،وجديدة،لكن الشرطة،استطاعت أن تفرق المظاهرة.

سألت ثريا عن أحوالها مع زوجها خالد،قالت منيرة : الحمد لله هو لديه مكتب سيارات ويطرب لكلمة دكتور ويقضي أوقات فراغه مع سامر، وهما من نفس المدرسة الفكرية،هو لايزعجني أبدا ويريد وظيفة مرموقة ليتخذها وجاهة،وقلت له،،انتسب لحزب الدولة لأكلم أبي ليرى لك وظيفة مرموقة،،وأحيانا يعصب فأستوعب عصبيته حتى يهدأ،،إنه هادئ ساكن،لكنه فجأة يثور لسبب تافه ثم يندم...أذا فهمت المرأة طباع زوجها تحسن سياسته وترويضه،،

قالت منال،،نعم من مدة غضب سامر بعد أن أيقظته من النوم،وأنبته على نومه الطويل فقال لي،،لااريد رؤية وجهك،ولا تتكلمي معي،ماوراءك إلا المشاكل،

أحسست به أنه مختلف زورته بعينين حادتين فهدأ وسكن ثم اعتذر،،

قالت ثريا،،أستأذن أريد أن أمر على سوق تلمسان لشراء بعض الحاجيات .

قالت منيرة،،تكلمنا عن أزواجنا واستنطقت معلوماتنا،ولم تحدثينا عن زوجك،ضحكت ثريا وقالت،،في المرة القادمة سأحدثكم كثيرا عنه وعن مغامراته.

قالت منال،،غدا هناك امتحانات للطلاب،،ومادتي اللغة الفرنسية،

وهناك التصحيح بعد الامتحان،

وسوف نبقى يومين في تصحيح الأوراق،وقالت أختها : وأنا سأداوم على وظيفتي غدا انتهت إجازاتي في قسم الحسابات.

قالت منيرة الدوام في الوظيفة يسلي النفس ويحس الإنسان بكرامته فلا قيمة للإنسان من غير عمل،،

خرجت منيرة بعد أن ألقت السلام على أختها .


...قال خالد لزوجته منيرة،متى أستلم منصباسياسيا كبيرا في مدينة تلمسان؟،لقد وعدني والدك الرجل الكبير في الدولة.وقد دفعت له مئتي ألف دولار.

قالت منيرة..نعم وعدك وسيوفي بوعده.

نظرت منيرة إلى زوجها وهو يخرج وقالت..كنت أظنه عبيطا ،

قليل الطموح.

وتخيلته لايريد من الحياة أكثر من مكتبه وبيته وزوجته. هاهو.يحبو لتحقيق حلم أكبر.سيصعد إلى أعلى دون جهد أو عناء،هنا في بلادنا تحصل على طموحك بالفلوس والتمني،هنا تطلب الأماني بالتمني،لم يصدق الشاعر في قوله..


وما نيل المطالب بالتمني

ولكن تؤخذ الدنيا غلابا


شهور عديدة وجاء تعيين خالد أيوب بوظيفة مدير الموارد البشرية في مدينة تلمسان، وهي تتبع وزارة التخطيط.

ركب سيارته مع زوجته وولديه،وقد سرح شعره تسريحة بو تفليقة،وكأنه حلمه يحلق فوق قصر بو تفليقة.

وراح يدور معها في مدينة تلمسان.

تلمسان لؤلؤة من لٱلئ الم

غرب تقع شمال العاصمة الجزائر

مدينة تغفو على ساحل البحر المتوسط،

تناجي أخواتها في الأندلس،لها نكهتها الخاصة وهي تحدثك عن تاريخها العريق والحقبات التي تعاقبت عليها،ذات طبيعة خلابة،تناديك تلمسان وأنت تنتقل في أحضانها فتقول لك،هنا الحضارة هنا مدينة الفن والتاريخ. ،لايمكن لأحد أن يتجاهلني،،

تجولا في ساحة المسجد الكبير،

ثم مسجد سيدي أبو الحسن.

وتمشيا على شاطئ الزرقة،ثم شاطئ الزرزور،قالت له،،لأول مرة تخرج معي لأرى معالم مدينتي الجميلة،

إنها جزء من عمري،كم أتمنى لو سماني أبي تلمسان!،سأسمي أول مولدة لي تلمسان. واختتما جولتهما عند شلالات الأوريت. عادا إلى بيتهما متعبين منهكين.قالت منيرة..اكتشفت فيك الكثير والكثير،،قال لها مثل ماذا؟ ..قالت..أنت رجل طيب وقلبك إنساني وظاهرك غير داخلك،في قلبك صفاء ونقاء وطيبة رجل،،وفرحة زوج،،ابتسم لها وملأ الغرور نفسه.

استلم خالد منصبه الجديد،وأصبح يهتم بنفسه كثيرا فهو أكثر شياكة وأناقة من الأخضر الابراهيمي،،كان عليه أن يثبت تميزه عن بقية الموظفين،وعيونه تتطلع لمنصب في حزب جبهة التحرير ولمنصب أعلى.


..في يوم العطلة ذهب أحمد مع زوجته

وولديه، لزيارة عديله سامر.لتناول الغداء مع بعض.

بارك سامر لخالد بالمنصب الجديد،وقال..سأنتظر أنا الانتخابات الجديدة لأرشح نفسي في انتخابات المجلس.البلدي في تلمسان.

قضت الأسرتان سهرة ممتعة. قالت منال ..

كم مرة تتفتح الزهرة،وكم مرة تسافر الثورة،

ترنمت منال بهذه الجملة،قال لها سامر،من قال هذه الجملة هي من عندك،قالت لا،هي للشاعر محمود درويش،قال..ومن هو محمود درويش؟ قالت له..شاعر فلسطيني،قال،،

لم أسمع به،ولكن كيف تسافر الثورة؟ قالت ،،الجدال معك عقيم يجب أن تقرأ لتفهم الحياة.     اقرأ يازوجي العزيز لتكون رجل دولة،قال...وهل يحتاج رجل الدولة لفهم وقراءة.

الفلوس تصنع الإنسان.لكي تصبح رجل دولة عليك أن تشتري مكانك،

هكذا قال أبوك وقلت أنت،،قالت نعم،،ولكن لكي تأخذ مكانة أكبر كمكانة أبي وتصبح من رجالات الدولة العميقة يجب أن تكون متفتحا ذكيا أمام الثعالب التي ستحيط بك،وستسافر مع الثورة،،يجب أن تفهم يازوجي العزيز ،أن رجال الدولة طبعتان طبعة مزورة،كعملة مزورة لاقيمة لها وهم في خدمة الطبعة القوية وهم الذئاب .والطبعة الأولى المزورة هم الامبراطورية الإعلامية والكومبارس من رجال المسرح في مجالس البلديات والمجلس الوطني،ورأس المال،وأصحاب الضمير الميت.قال لها،،وأنا سأكون من الطبعة الأولى المزورة،قالت،،لاتستطيع أن تصل للطبعة الداهية،لأنها من اختصاص الجيش وأهل السياسة من الذئاب..

أما أنت فقد جئت للحياة على الرصيف كشاهد ومشاهد اقنع بما أنت فيه وبما يأتيك،وطور نفسك لتحصل على ماتريد.

هذا زمان لايلد إلا الفاسدين .

هذا زمن يلون جماله طرب الرشوة وشراء المناصب،هذا زمن تدفع فيه قيمة كبيرة لتوقيع صغير بقلم أخضر أو أحمر أو أزرق..

قال لها،،من أين اكتسبت ثقافتك؟ وأراك تحملين أفكارا غير أفكار أبيك..قالت له..اكتسبت ثقافتي من القراءة والاطلاع والتاريخ


.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا