قهقهة النوارس... سالم عكروتي
قهقة النوارس
ص/121
تمهل ولا تستخف ، التسرع يحيلك إلى السقوط ، يتمدد الفراغ من حولك ،تستهلكك الٱعين والشفاه، الفراغ مدى حلقت فيه يوما بحلم وتحدي وأهداف ، الفراغ لايحمل قدميك للنهوض ، هذا الوهم الكاذب الذي نعيشه ، هذه الهالة المطموسة من الضياء نعيشها ونتخيلها في عالم تحيطه أسلاك شائكة من أجناس البشر ، صراع بين التطرف والفضيلة حتى كشف العورات
كان ولازال بوهيمي التفكير ،مرن ،لزج ، كالصلصال ،
غوغاء ودفء ماكر داخل الحانة العتيقة من المرفأ ، لغط وسعال وظحكات. وحديث حاد ، نسائم شتوية قارسة ، ريح غربية عقيمة ،أنوار باهتة على الرصيف ، حركة بطيئة تمر هنا وهناك ،قطط تتراكض. وتتشاكس ،هدير محركات خافت ،نعم إنه موسم الكساد ، إستقر على طاولة عرجاء ، قبالة النافذة التي تطل على البحر ، تراءى له الموج الصاخب وطيور النورس تحلق بقهقهات رتيبة ، تتخطف مااستقر على الأرصفة من بقايا ، هذا المشهد البائس ورحى اليأس والرجاء تطحن داخله وهو يتلمط أثر الخمر على شفتيه يلوك حبة زيتون كانت كمثيلاتها ( كمية) في صورة كرنفالية صامتة أثثها أحمد الدوزي السابح في الفراغ ، يطارد سديما ،سرابا ، يركض ،يجري يلاحق عروس البحر ، صورا باهتة ،وتغريبة رحل إليها بخياله ، حين تواترت الكؤوس وإختصر عالمه في الحانة على الكرسي و الطاولة العرجاء ، الريح تعزف ،المطر ينزل زخات زخات، هدير الموج المرتطم على أسوار المرفأ سنفونية عذبة ،زوقت له أحزانه في ليالي الشتاء الطويلة ، طوح به الرصيف ،مدى البحر المظلم الهادر ،بعيد وغامض ، على لوح المركب البارد بخطوات مترنحة أسلم أحلامه وتغريبته لنوم يشبه الموت حتى نستفيق على صحو بديع وإشراقة شمس على مسطح ساكن ،نكتب على صفحة البحر ، حلمنا وأفراحنا المؤجلة ،وكل جنائز أحزاننا
سالم عكروتي
تونس
تعليقات
إرسال تعليق