الإدمان..عز الدين الشابي

 الإدمــــــــــــــــــان

مـن بـعـــد خـلـق الله للـجـســــد العـقـل قال إنــّـني الـــسّــنـد

قال اللّسان ليـــــــس لي مـــثيل وقال القلــــــــب وأنا الـــدّليل

وشارك الأعـــــــــــضاء بالتّـــناوب دون احتــكار القـول أو تـكالب

تقاسموا وظيـــــــــــــفة الحـــياة من الـــولادة إلـــــــى الممات

وخلـــسة من خـــــلف الكواليس  اجتمـــع الشَّيـطان بإبليــس

قالا ترى فــــــــي مـــوقف كهـذا  من يا ترى يهـمَنا نــفــــــاذه

ورشّــحا لذلـــــــــك السّيقــــارو  وصـحبه ومـن به آستنــاروا

وأكَّـــدا بمنتــــــــهى الخطــوره  وجوب حسم الأمر بالمشوره

لصالح التّدخــــــــين والحشيـش  والإبـر الـمـلفـوفـة بـالرّيـش

وقبــــل أن يتـّــــــــــخذ القــــرار قالا تحرَك أيّها السّيقـــــــارو

اجتمع السّــــــــيقارو بالأفــــيون  والشّيشة الفوحاء والغليـون

شعارهــــــم عجــــاجة الدَخـان  والشّمّ أو اللـّحـس باللـّسان

وخطّــــطوا للحـــــــــكم بآنقلاب  منـظّم مـــدعــَم الأسبـــــاب

وعيَنوا للمـــــــنــــصب الرَئاسي بدون أيّ شكّ والـتـــــبــاس

ســـــيادة الإدمـــــــــــان بآرتياح وضمـنوا مؤشّــر النَّجــــــاح

تـــــرأّس الإدمـــــــــان الاجـتماع منبَــــها لخــطـر المـــناعــه

وبـــــــــدأ الشـّـــروع في الإجـراء خـوفا من الخسـارة النَّكـراء

مخطـّط الإدمـــــان كان القـــهر وحكم الجـسم مهما كان الأمر

وهيّـــــــــأ الأعـــــــضاء للإذعان  مســــبّـــــقا لسلطة الإدمـان

متّــــــــــخذا وســـــــيلة الإغراء ديــدنــه للفــوز بالأعضــــــــاء

مسيــطرا على هـــوى الشّعور  ومــحــبطا عـــزائم الأمــــــور

متـّـــــخذا أكــــذوبة الشّــيخات   تـعـلَة للــعيش فـي الحيــاة

مــــــمارسا صــــناعة التـّــبرير  للَهـــو والإغراء والتـّــــخديـــر

تمــسّك الإدمـــــان بالتـّخفـّـي  وطــعن الجسم كلَه من خلف

وتابع النـّــــقاش عن كــــــثــب  في مأمـن ودون مــا تـعــــب

وواصل الأعضــاء في النـّـقاش  ولم يروا ما صار في الحواشي

وبـــدأ الدّخــان في الــتـّـسرَب   خــذ نـفسا بربّــك وجــــــــرَب

ودخــل الحــوار في التـّــميَـــع  وكـثــر التـّــفريط و التـّشيـّــع

وغـضب السّـــيقارو أيّما غضب   مـؤكّــدا في منـتهى العجــب

كـــيف يدين الجسـم بالــــــولاء  للعقل ذلك المشهـــور بالغباء

فضــحك الإدمـــان من مقالــــه  وقــال كـلّ عضـو في مـجاله

مـــــــادام قد لبـــــسه الإدمان  لا خوف عنـك أيّـها الدّخــــان

ودخل الأعــــضاء في النـّسيان  مسلَمـيـن الأمر للـدّخــــــان

الرّأس منه يطــــلب التّـعميــــر  والحـسّ منـه ينشد التّخديـر

من دونه تــــرتــعد الفـــرائــس   وتـشعـر الأعضاء بالنـّـقائص

بشـــــغـف تلـــفـّــه الأصابــــع   وتـنــــزع بمصَه المواجـــــع

إن غاب البــــاكو هرولت رجلان   لجلــبه بأرفـع الأثـــــمـــــان

وانتصر الإدمــــان في الملاهي وحكم النـّوادي والمـقاهـي

وأسّـــــــس دولته العجيبـــــــه دستورها بــنـوده مـــريبــه

أنا الإدمـــان صاحب الفــخامــه  من دان لي ينسى معي الكرامه

قيل له يا صاحب القـــــيـــــاده   بمن تطـــاح قال بـــــالإرادة

أخــــــــــاف من إرادة الإنـسان   فـهي علي أخطــر العـدوان

عزالدين الشابي