اجمل حب… قصة للاديب جرجس لفلوف

أجمل حب
حدثني صديقي في إحدى سياراتنا الطويلة قال:
خرجت من رحم القرية إلى فضاء المدينة غرا جاهلا الحيآة ولكثير من العادات والسلوكيات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية لمجتمع المدينة المختلفة إلى حد ما مع مثيلاتها القروية وقد تتناقض معها في طريقة العيش ومقومات الحياة
خرجت من رحم القرية نظيفا من الداخل والخارج ودخلت فضاء المدينة اسرح فيه دون رقيب أو حسيب أو رادع معرفي بملوثات الحضارة التي جرفتني إلى مستنقعاتها غرقت في مياهها الآثنة وضعت في طرقاتها المظلمة
 وفي لحظة صفاء  تلاقت العيون وتكلمت بلغتها وأخرجتني من هذا المستنقع الذي رميت نفسي فيه
 كنت احضر عرسا في ساحة إحدى القرى المجاورة للمدينة اقيم في الهواء الطلق. وكنت أحد المدعوين جالسا على كرسي في إحدى زوايا الساحة اتمتع بما يجري حيث أعادتني هذه اللحظة إلى زمن عشته في قريتي وبينما أنا سارح في خيالي بعيدا رن جرس أذني يقول استمع إلى صوت يصدح بغناء  لم اسمع أجمل منه في حياتي التي استهلكتها في مواخير المدينة. نظرت فرايت مطربة ساحرة ترتل كلماتها وجفونها غافية على بساط الحلم رافعة رأسها إلى السماء وكأنها تؤدي الصلاة في صومعة ناسك .كان صوتها ينساب رقيقا صافيا نقيا كقلوب الاطفال وكان غناؤها يشبه البكاء وهي تبتسم وشفتاها ترتجفان مع انسياب الأحرف فتلامس بنطقها وجه القمر عذوبة كان الجمهور يستمع ساكنا هادئا حتى الأطفال الذين رحلوا على أجنحة النغمات إلى جنتهم وكانت هي كملاك وانا وحدي غائب عن الوجود حيث أخذتني صورتها وصوتها إلى أقصى زوايا عمري حاملا روحي إلى حيث تقف وفي لحظة توقف الغناء وعلا التصفيق استحسانا ووداعا وكم تمنيت أن تستمر بالغناء حتى فناء العالم وقيامته من جديد إلا انها غادرت الحفل فنظرت إليها بإعجاب مشوب بالخجل فرأيتها تبتسم وعيناها تكلمان عينايا وكأنها تقول سنلتقي لا تطيل الغياب وتركتها تاخذني إلى حيث لا أدري فهل كنت احلم .?
سألت نفسي هل الحب من النظرة الأولى حقيقي ؟ هل نظرتها لي دليل إعجاب؟
عدت إلى منزلي وأخذني الحلم بعيدا  ولم تخرج صاحبة الصوت الملائكي من عقلي وقلبي وبدأت البحث عنها في المطاعم التي تقيم سهرات غنائية إلى أن وجدتها في أحدهم وهناك التقينا بعد انتهاء وصلتها الغنائية وتكلمنا وتعارفنا وتعاهدنا على الوفاء والإخلاص لحب  ولد صدفة في قلبينا
كان هذا الحب الأول الذي لم تكتب له الأيام أن ينتهي بالإرتباط نتيجة مأساة وقعت وأخذت حبيبتي إلى دنيا الخلود وبقيت أنا أجتر أحلامي وأحزاتي وبقي هذا الحب خالدا في وجداني ولم ولن أنساه ما دمت على قيد الحياة
جرجس لفلوف سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا