مقامة الرقصة الاخيرة… قصة للكاتب ابراهيم مؤمن

مقامة الرقصة الأخيرة

ملحوظة قبل القراءة ...
إلى كلِّ منْ يملك أمره ، آثر السلامة دائماً ولا تُعرّض نفسك لاختيار مآله "أكون أو لا أكون".

النص
وجدّتها في كهف من كهوف الجبال وأنا أعبر الصحراء ، طفلةٌ شعثاء ، وثيابها العراء ، وملامح وجهها متوحشة ولكنّها تختفي خلف ثوب من بسمات حرباء ، لكنّي ظننته من وحشة البيداء ، وطول المقام وسط الوحوش والظلمات.
أو لعلها تجنّستْ ببيئة من حولها واختفتْ بشريتها خلف قضبان الفيافي المقفرة، فأردتُ أنا... إطلاق الإنسان .
فبسطتُّ يدي أغيث .
فوجدتها خائفة أو كأنها تفكر في شئ ما ، فاستنفرتها على بسط يدها ، وأركبتها مطيتي ومضينا .
أدخلتها قصري.
أمضتْ أحلام طفولتها و ريعان شبابها تحت رعايتي وحاشيتي .
لا أنسى يوم قفزها على خدّي وأنا نائم مذْ كانت طفلة .
ولا أنسى ظهري الذي حملها فكانت فارساً يلهو بفرسه مذ كانت طفلة .
ولا زمهريرالشتاء الذي فيه خلعتُ ثوبي وألبستها إياه
، وأوقدتُ النار لها لتستدفئ وكاد وجهي يحترق دونها ، وكانت ثورتي أشدّ اشتعالاً لرعايتها .
فكان خدّي بساطا .
وراحة يدى لها غطاءا .
وظهري لها لهواً ووقاءا .
وخدمي وحاشيتي لها أرقّاءَ.
ومن قبل مطيتي لها من الصحراء سفينة نجاة وإمضاءا .
فشبتْ تحت رعايتي فقررتُ الزواج وإقامة العرْس .
مضى العرس وذهبتُ معها للعرس الأكبر فى قصري وهو عُرس الرقْص .

طقوس الرقص..
رقصتُ لها وفي يدي كأس السكْر.
وبينما أنا غارق بين الرقص والسكر تراءتْ أمامي مشاهدُ من عقارب الحفن والدعْب .
هو من السحْر ؟
لا أدري ولكنى قلتُ إنه من هلوسة السكر.
آخذ بيدها تارة وأدعها تارة وأنا ألف وأدور بالكأس.
أتمايل يمينًا ويسارًا وأقفز ثم أهبط لا أبغى نشوتي ولكن نشوتها هىْ .
قبل أن أطلق روحي في روحها ودمي بدمها على الفراش الوثير .
كمْ انا مشتاق لانفلات نفسي في لذيذ من متعة الجسد والروح على الفراش الوثير .
تقاربنا راقصيْن ، فلمّا قبّلتها في روح شفتيها شعرتُ بمسٍّ في وريد قلبي فرقص جذلانَ .
مددتُ يدي إلى يدها فكانتْ كأنها غيثٌ من لجج البحار .
ممسك يدها وأدور، وكأس الطّلى في يدي وظللتُ أدور ، وأنا أستقرئ ملامح الطفولة التي عشتها بين البساتين عندما كنتُ ألهو مع أمي فأدور حول السواقي وأمي من خلفي ضاحكة تدور . لكنها ولّتْ أو ضاعت .
فلمّا تركتها ودرتُ حولها نشوانَ، تذكرتُ حمايتي لها من وحوش الصحراء وكنتُ جذلانَ.
كنت أراقصها وأطربها .
وأسقيها الكأس وأقبلها .
وأدنيها وأحبوها .
ثم أخذتُ التاج وناولتها .
ومالي كاتبتها .
وطيلساني وطيْلستها .
وصولجانات الملك على كتفيها وضعتها .
وكنت قاب قوسين أو أدنى .
من انتهاء الطقوس العُلى .

المشهد الأخير ......
وانغرس في ظهري خنجر الغدر .
غدرتْ لأنها تريد فردًا الملكَ .
وسال دمي ، دم الغزال بعد المنح.
وامتلأت الدنيا دمًا .
سنة الكون في الخلق سرتْ .
وتوحش الناس على أعتاب الملك ونسوا الحشر والبلى .
وقفزوا وغدروا وسرقوا ونهبوا وتكبروا ونسوا يوم اللقا ..

بقلمي
إبراهيم أمين مؤمن ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا