مازلت ابحث عن ابي من المجموعة القصصية للكاتب بركات الساير العنزي

بركات الساير العنزي
من مجموعتي القصصية الثالثة
حوارات وأفكار

مازلت أبحث عن أبي
...لم تكن شيماء تتوقع هذا المصير لأسرتها .كانت أسرتها تعيش في حالة متوسطة في منطقة القيروان ، جنوب الجهراء ، وقد قام والدها ببناء بيت جميل في القطعة التاسعة ، وهي منطقة جميلة كانت تغدو إلى مدرستها مع أخواتها الأربع ، وأخواها راشد أصغر منها بعامين. كانت شيماء في المرحلة الثانوية ، في الأول الثانوي وأخوتها بين المتوسط والابتدائي . كان أبوها أحمد العطوان الغضباني ،حنونا طيبا معهم رغم مااتصف به من كثرة أزواجه ، تزوج أمها وهي المرأة الثالثة ، إذا كان متزوجا من ابنة عم له ، وقد طلقها بعد عشر سنوات من الزواج وتركها مع أولاده الثلاثة . وقد أعطاهم بيتا صغيرا يملكه في منطقة الصليبية بالجهراء . وكان متزوجا أيضا من فتاة مصرية تزوجها أثناء رحلاته إلى مصر. وبقيت معه لمدة عامين وأنجبت منه ابنة وحيدة وسافرت إلى مصر ولم تعد هي وابنتها ، وسافر يفتش عنها ولم يجدها وقد غيرت بيتها ومدينتها .. وهكذ لم يبق معه إلا الزوجة الثالثة وهي أم شيماء...تميزت أم شيماء بالجمال واتزان العقل ، لم تمانع في زواج زوجها وإن كانت غيرقادرة على كبح جماحه في حب الزواج. فهو يخطب بنات كثيرات ،
لكن الأب المزواج لم تشبع رغباته بما تزوج وربما عادة تأصلت في نفسه ، فهو يبحث عن النساء دائما . وقد فوجئ الجميع بزواجه من ابنة صغيرة في السادسة عشرة من عمرها. أسكنها في الدور العلوي من البيت ، وكثيرا ماكانت تبكي هذه الفتاة الصغيرة وهي تخاف من هذا الزوج الذي لم تعرفه في حياتها . لا من قرابة ولا من عشيرة ، وكثيرا ما تجلس العروس الصغيرة مع شيماء يلعبن ويتسامرن ، وكانت أمها عائشة تعامل ضرتها الصغيرة مثل ابنتها وكثيرا ماكانت الزوجة الصغيرة سارة تنادي عائشة بخالتي . فهي من عمر ابنتها شيماء وإن كانت تزيد عليها بسنوات قليلة وقد تميز أبوشيماء بمراهقته وحب الظهوربموقف الشباب دائما وساعده على ذلك وسامته وحسن مظهره وأناقته واهتمامه بنفسه . كان أبوها يمتلك عدة محلات تجارية في الشويخ ، ويستقدم عمالا من الهند وبنغلاديش ومصر وأموره ميسرة وطيبة .تقول شيماء : لم يكن ينقصنا شيء فأبي يلبي كل حاجاتنا ومتطلباتنا وتتركه امي مع نزواته ،فهي لا تريد منه إلا تلبية حاجات البيت . كانت أمي تراقب أخي راشد كل يوم ،كأنها تراقب نموه ورجولته ، وتهتم بأخوتي الصغار الباقين.وتقول انتم البنات طيارات ستذهبون إلى أزواجكم ، لكن هؤلاء سيكونون سندي في الحياة وتدمع بعينين ساخنتين ، تخفي وراءهما كثيرا من الحزن والألم الذي لا نعرفه ، وإن كنا نحس به من خلال أنينها المكتوم .
كم أحب أخوتي الأشقاء من أبي ، زياراتهم قليلة لناـ ورغم حبنا لهم إلا أنهم لايريدون هذا الاقتراب ، ولا يحبون أباهم كثيرا ، ولدى أمهم محل تجاري يعيشون منه .
ها أنذا نجحت في الصف الثاني عشر بمدرسة القيروان الثانوية للبنات وأخواتي يكبرن معي وأخي راشد في الصف الرابع المتوسط نجح هذا العام إلى الصف الأول الثانوي . .وبعد استلام شهاداتنا سافرنا على أخوالنا في مدينة شقراء ، المدينة الجميلة التي نحبها والتي تشتهر بمزارعها وجمالها وتقع على طريق المدينة المنورة ونزورأعمامنا من أهل أبي في مدينة الدوادمي وهي على بعد مئتي كيلو متر عن شقراء.وقد أوصلنا أبي بسيارته ثم عاد إلى الكويت لزوجته الصغيرة في القيروان .
أمضينا شهرا كاملا عند أخوالنا في شقراء حيث سررنا بهذه الزيارة ، وقامت أمي بعمرة إلى مكة والمدينة برفقة أحد أخوالي ، ثم رجعنا إلى الكويت لأسجل في الجامعة . وإحدى اخواتي كان لديها الدور الثاني في الرياضيات والعلوم في الثالث المتوسط . وصلنا الكويت وكانت سارة تنتظرنا على أحر من الجمر وتتلهف لرؤية أمي ، يشدها حنان قوي لأمي ، إذا كانت يتيمة الأم وقد عاشت مع زوجة أبيها القاسية . ولولا كرهها لزوجة أبيها لما تزوجت أبي وهي في هذه السن .وقد أحضرت أمي لها بعض الهدايا اشترتها من أسواق القصيم .انجبت سارة ابنتين جميلتين كانتا كزهرتين يملآن البيت عندنا بالأغاريد وزقزقة الطيور .
تزوج أبي امرأة رابعة وهي في العقد الرابع من عمرها . وهي من جيل امي . لم نعرف السبب الذي جعل أبي يتزوج امرأة كبيرة ومطلقة وليس لديها أولاد . لكن أبي مايهمه التعدد فقط . أنزل سارة تسكن معنا ووضع زوجته الجديدة في الطابق العلوي .لم تتكلم أمي وهي تعرف طبع أبي وما يهمها تربيتنا ودراستنا ودراسة الأولاد. وأهمل أبي زوجته الصغيرة سارة . كأنه لم يعد يعرفها إلا أنه على ذمته وعاشت سارة بيننا كأخت لنا . لكننا نعرف عادة أبي ونحن واثقون أنه سترك هذه المرأة الجديدة بعد أن يشبع مزواته منها ويأتي بجديدة . يتبع ج2

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا