ابحث عن ابي ج٣… مجموعة قصصية للاديب بركات الساير العنزي
بركات الساير العنزي
من المجموعة القصصية الثالثة
حوارات وأفكار
أبحث عن أبي ج 3
...استيقظت على حلم مرعب يحاصرني ، جلست من نومي وشربت ماء ، اردت أن أصرخ ولكن خجلت من نفسي ، سأرعب الجميع ، ياقلة عقلي! ، أشعر بنفسي كأني فقدت ذاكرتي . ياإلهي لقد حملت مسؤولية هذه الأسرة وأنا البنت البكر ، وقلت في نفسي لو الأمر بالاختيار لكان المولود الأول ذكرا ، يستطيع أن يحمل أعباء ابويه وأهله . استغفرت الله وحمدته ... قمت وتوضأت وصليت صلاة الصبح وهدأ روعي . إلا أني أشعر أني لا استطيع أن أحمل راسي المثقل بالأحلام .ركبت سيارتي واتجهت إلى كليتي في الخالدية . حاصرتني أحلام كثيرة وكنت أذبها عن وجهي وعن مخيلتي .
في صباح هذه اليوم مكالمة وصلتني من الأخصائي الاجتماعي في مدرسة خالد، أبلغني عن غياب خالد المتكرر عن المدرسة. وتراجعه الكبير في الدراسة، وصلت البيت والغضب يملؤني وجدت خالدا في البيت. قلت له: لماذا لاتداوم على المدرسة؟ عندك عشرة أيام غياب. سائق المكروباص يمر كل يوم يأخذكم للمدرسة. لماذا لاتدخل المدرسة؟، سكت ولم يجب، ثم قال لا أريد المدرسة. لماذا؟ حتى ترافق اصدقاءك الوسخين، أين تذهب ؟. فوجئت أمي بوضع خالد. وراحت توبخه توبيخا شديدا. وقالت أمي غـدا في الصباح سأذهب للمدرسة وأقابل الأخصائي الاجتماعي والمدرسين أستفسر عن أحوالك. ماذا ستفعل إذا خرجت المدرسة؟
...في اليوم الثاني قابلت أمي الأخصاىي الاجتماعي والمدرسين ،اكتشفت أمي أن أصدقاء خالد ممن يتعاطون حبوب الهلوسة والمنشطات. وقد شكى المدرسون من نومه في الفصل الدراسي. أصبح خالد مشكلة البيت في غياب أب لايسأل عن شيء. فقط يعطي الفلوس ولكنه لايسال ولدا ولا بنتا عن دراسته وأحواله تاركا الأمر لي ولأمي. رحنا نراقب خالد وأوصله بنفسي للمدرسة. شددت أمي المراقبة على خالد.. فتشت جيوبه مرة ووجدت بعض الحبوب المخدرة. انهارت أمي من الحزن والقهر. راحت أحوال الولد تتردى . رسب خالد في الامتحانات وبدأ أحواله الصحية تتدهور.لم نكن نعطيه فلوسا خوفا عليه أن يصرفها على الحبوب ، ولكن اكتشفنا لا حقا أنه كان يسرق من محفظة أمي الفلوس القليلة كي لا يكتشف أمره . حيث فاجأته أمي وهو يفتش في محفظنها ، واعترف أنه كان يسرق من محفظتها من سنتين وأكثر . أصيبت أمي بالصدمة والحيرة ، لقد فقدت صوابها وفقدت كل الحلول في معالجة ابنها ، أخذته لمركز معالجة المخدرات ولكنه هرب .الأمر يزداد سوءا معه وقد ترك المدرسة .
لأول مرة وجدت كرها عميقا في قلب أمي تجاه والدي، حاولت أن أخفف من ذلك الكره بأن أبي إنسان بسيط في داخله. لم يتكلم عن ماضيه ولكني عرفت مرارة حياته في الطفولة ، حيث كنت أسأله أحيانا ، وبعض المعلومات من أقاربي عنه .لم يجد حنان أب ولا عطف أم ، وربما هو يعاني من مرض نفسي. لقد نشأ يتيما منذ طفولته وأمه تزوجت ونشأ في بيت جدته. لم يكمل دراسته فقد درس حتى الصف الرابع الابتدائي. بعد وفاة جدته احتضنه عمه في الكويت وتطوع في الجيش الكويتي في أول نشاته. وفقه الله في عمله حيث فتح بقالة وتطور عمله، يملك مالا لاباس به ولكنه لايملك ثقافة اجتماعية، حتى أنه قليل التردد على الديوانيات. عزلته كورته على نفسه وعن ثقافة المجتمع ومعارف الرجال، قليل الاختلاط بأقاربه وأخوته حتى مجالس وافراح وأحزان قبيلة عتيبة لايحضرها ، كم مرة جاءته دعوات قبيلة عتيبة لحضورأفراحهم وانتخاباتهم ولكنه لا يذهب . هذه هي طبيعة أبي يستحي من البشر في داخل نفسه ، لم يتعود في طفولته على مجابهة الرجال . لا أستطيع أن أكره أبي ياأمي، إنه مسكين. هذا حرام ليس له غيرنا، بكت أمي على بكائي وقالت نعم، عرفته ، صحيح أني لم أحبه منذ أن تزوجته ولكني لا أكرهه أرأف بحاله أحيانا . وأقول هذا نصيبي . وهو من أبناء عمومتي . ولكن وجود الرجل القوي يحفظ الأسرة من الانحراف، تعبت ياابنتي من تربية أولادي. ومراقبة خالد ومراقبة أختك ... جاءتني أختي مها وقالت لي: أختي شيماء أريد منك طلبا . هل توعديني بتنفيذه ؟ قلت لها نعم أوعـدك بشرط واحد . قالت : مهما كان شرطك أوعـدك أني سانفذه . قلت لها اطلبي : قالت أريد جهاز أيفون حديث . تعرفين تلفوني قديم وقد كسرته أمي عندما ضربته على الجدار . قلت لها : لقد ضحكت علي أيتها الشقية وأخذت مني الموافقة سلفا . ولكن سأقنع أمي وأشتري لك أيفون بشرط أن تدرسي وتتركي هذه العلاقات الخبيثة مع الأولاد . قالت : أوعدك يا أختي . وراحت تقبلني وتسند رأسها على كتفي لتجد أختي الطمأنينة وهي تستند على روحي ..دارت بنا الدنيا معا . وامتزجت روحي بروحها الطفولية . هذ هي الاخوة عندما يستد الكتف على الكتف وتمتزج الدموع مع بعضها ، لتنساب كجدول صغير يصب في نبع .لقد وجدت أن خير طريقة لمعالجة وضع أختي أن أكسب ثقتها وقلبها ، وأمي تريد أن تحرمها من المدرسة ولكني توسلت لها ووعدتها بان أبذل كل جهدي في إصلاحها .كم وددت لو أسند أخي خالد رأسه على كتفي او كتف أمي ليعود لنضارته وجماله .
من المجموعة القصصية الثالثة
حوارات وأفكار
أبحث عن أبي ج 3
...استيقظت على حلم مرعب يحاصرني ، جلست من نومي وشربت ماء ، اردت أن أصرخ ولكن خجلت من نفسي ، سأرعب الجميع ، ياقلة عقلي! ، أشعر بنفسي كأني فقدت ذاكرتي . ياإلهي لقد حملت مسؤولية هذه الأسرة وأنا البنت البكر ، وقلت في نفسي لو الأمر بالاختيار لكان المولود الأول ذكرا ، يستطيع أن يحمل أعباء ابويه وأهله . استغفرت الله وحمدته ... قمت وتوضأت وصليت صلاة الصبح وهدأ روعي . إلا أني أشعر أني لا استطيع أن أحمل راسي المثقل بالأحلام .ركبت سيارتي واتجهت إلى كليتي في الخالدية . حاصرتني أحلام كثيرة وكنت أذبها عن وجهي وعن مخيلتي .
في صباح هذه اليوم مكالمة وصلتني من الأخصائي الاجتماعي في مدرسة خالد، أبلغني عن غياب خالد المتكرر عن المدرسة. وتراجعه الكبير في الدراسة، وصلت البيت والغضب يملؤني وجدت خالدا في البيت. قلت له: لماذا لاتداوم على المدرسة؟ عندك عشرة أيام غياب. سائق المكروباص يمر كل يوم يأخذكم للمدرسة. لماذا لاتدخل المدرسة؟، سكت ولم يجب، ثم قال لا أريد المدرسة. لماذا؟ حتى ترافق اصدقاءك الوسخين، أين تذهب ؟. فوجئت أمي بوضع خالد. وراحت توبخه توبيخا شديدا. وقالت أمي غـدا في الصباح سأذهب للمدرسة وأقابل الأخصائي الاجتماعي والمدرسين أستفسر عن أحوالك. ماذا ستفعل إذا خرجت المدرسة؟
...في اليوم الثاني قابلت أمي الأخصاىي الاجتماعي والمدرسين ،اكتشفت أمي أن أصدقاء خالد ممن يتعاطون حبوب الهلوسة والمنشطات. وقد شكى المدرسون من نومه في الفصل الدراسي. أصبح خالد مشكلة البيت في غياب أب لايسأل عن شيء. فقط يعطي الفلوس ولكنه لايسال ولدا ولا بنتا عن دراسته وأحواله تاركا الأمر لي ولأمي. رحنا نراقب خالد وأوصله بنفسي للمدرسة. شددت أمي المراقبة على خالد.. فتشت جيوبه مرة ووجدت بعض الحبوب المخدرة. انهارت أمي من الحزن والقهر. راحت أحوال الولد تتردى . رسب خالد في الامتحانات وبدأ أحواله الصحية تتدهور.لم نكن نعطيه فلوسا خوفا عليه أن يصرفها على الحبوب ، ولكن اكتشفنا لا حقا أنه كان يسرق من محفظة أمي الفلوس القليلة كي لا يكتشف أمره . حيث فاجأته أمي وهو يفتش في محفظنها ، واعترف أنه كان يسرق من محفظتها من سنتين وأكثر . أصيبت أمي بالصدمة والحيرة ، لقد فقدت صوابها وفقدت كل الحلول في معالجة ابنها ، أخذته لمركز معالجة المخدرات ولكنه هرب .الأمر يزداد سوءا معه وقد ترك المدرسة .
لأول مرة وجدت كرها عميقا في قلب أمي تجاه والدي، حاولت أن أخفف من ذلك الكره بأن أبي إنسان بسيط في داخله. لم يتكلم عن ماضيه ولكني عرفت مرارة حياته في الطفولة ، حيث كنت أسأله أحيانا ، وبعض المعلومات من أقاربي عنه .لم يجد حنان أب ولا عطف أم ، وربما هو يعاني من مرض نفسي. لقد نشأ يتيما منذ طفولته وأمه تزوجت ونشأ في بيت جدته. لم يكمل دراسته فقد درس حتى الصف الرابع الابتدائي. بعد وفاة جدته احتضنه عمه في الكويت وتطوع في الجيش الكويتي في أول نشاته. وفقه الله في عمله حيث فتح بقالة وتطور عمله، يملك مالا لاباس به ولكنه لايملك ثقافة اجتماعية، حتى أنه قليل التردد على الديوانيات. عزلته كورته على نفسه وعن ثقافة المجتمع ومعارف الرجال، قليل الاختلاط بأقاربه وأخوته حتى مجالس وافراح وأحزان قبيلة عتيبة لايحضرها ، كم مرة جاءته دعوات قبيلة عتيبة لحضورأفراحهم وانتخاباتهم ولكنه لا يذهب . هذه هي طبيعة أبي يستحي من البشر في داخل نفسه ، لم يتعود في طفولته على مجابهة الرجال . لا أستطيع أن أكره أبي ياأمي، إنه مسكين. هذا حرام ليس له غيرنا، بكت أمي على بكائي وقالت نعم، عرفته ، صحيح أني لم أحبه منذ أن تزوجته ولكني لا أكرهه أرأف بحاله أحيانا . وأقول هذا نصيبي . وهو من أبناء عمومتي . ولكن وجود الرجل القوي يحفظ الأسرة من الانحراف، تعبت ياابنتي من تربية أولادي. ومراقبة خالد ومراقبة أختك ... جاءتني أختي مها وقالت لي: أختي شيماء أريد منك طلبا . هل توعديني بتنفيذه ؟ قلت لها نعم أوعـدك بشرط واحد . قالت : مهما كان شرطك أوعـدك أني سانفذه . قلت لها اطلبي : قالت أريد جهاز أيفون حديث . تعرفين تلفوني قديم وقد كسرته أمي عندما ضربته على الجدار . قلت لها : لقد ضحكت علي أيتها الشقية وأخذت مني الموافقة سلفا . ولكن سأقنع أمي وأشتري لك أيفون بشرط أن تدرسي وتتركي هذه العلاقات الخبيثة مع الأولاد . قالت : أوعدك يا أختي . وراحت تقبلني وتسند رأسها على كتفي لتجد أختي الطمأنينة وهي تستند على روحي ..دارت بنا الدنيا معا . وامتزجت روحي بروحها الطفولية . هذ هي الاخوة عندما يستد الكتف على الكتف وتمتزج الدموع مع بعضها ، لتنساب كجدول صغير يصب في نبع .لقد وجدت أن خير طريقة لمعالجة وضع أختي أن أكسب ثقتها وقلبها ، وأمي تريد أن تحرمها من المدرسة ولكني توسلت لها ووعدتها بان أبذل كل جهدي في إصلاحها .كم وددت لو أسند أخي خالد رأسه على كتفي او كتف أمي ليعود لنضارته وجماله .
تعليقات
إرسال تعليق