حوارات وأفكار… من تأليف الكاتب بركات الساير العنزي

بركات الساير العنزي
من مجموعتي القصصية الثالثة
حوارات وأفكار

مازلت أبحث عن أبي ج2
.....كم كانت فرحتنا كبيرة. عندما جاء اخي أنور يدعونا لحضور حفلة عرسه. كانت مفاجأة لنا، فرحت حبا بأخوتي من أبي. وشعرت أن اخي كسر حاجزا كبيرا كان يفصلنا، لا أعرف لما تحاول أمهم أن تقطعهم عنا؟. بالرغم من حبنا لهم. كان علينا أن نحضر حفلة عرسه وأن نقوم بالواجب. فنحن أخواته. وأن نستقبل المدعوين. أعطانا أبي ألفي دينار لشراء ألبسة جديدة لكل العائلة. اصطحبت أخواتي الثلاث وزوجة أبي ركب الجميع معي في سيارتي واتجهنا إلى أسواق السالمية المشهورة. لابد من المرور بشارع سالم المبارك والتسوق من مجمع مول مارينا.  وقلت لهم لنتسوق اليوم الألبسة. وغدا نكمل الباقي من سوق مول أفينو وهو قريب منا على الدائري الخامس.
....كانت أيام فرح جميلة لم نشعر بفرح مثلها قبل ، وحاولنا رسم ابتسامة على وجه سارةلتي كانت حاملا في الشهر السادس .  استكملنا كل مستلزمات الفرح الباقية في الأيام التالية وكنا نجد التمتع ونحن نزور الأسواق الشعبية في القصر وجوهرة والموعد وخان الخليلي، لقد كانت أسعد أيامنا ونحن نفرح بعرس أخينا أنور، وكل يوم يزورنا اخي أنور وأخوته يطمئنون لتجهيزاتنا. قمة السعادة أن تجد من تحب من أهلك أو أخوتك يقف معك وتقف معه. كان عرسا جميلا في صالة الأفراح في الجهراء وقد حضر أهل العروس وأقاربنا وصديقاتنا. كان يوما مميزا من حياتنا وقد حضر أبي الحفل في صالة الرجال. لم بكن فرح أبي أقل منا ولكنه لايعبر عن فرحه. تجلى فرحه في تغطية تكاليف العرس والصالات.زرنا أخي أنوروباركنا له في عرسه . وقد كسرنا حاجزا من الجليد بيننا .
..... دخلت البيت وانا أسمع صراخا وبكاء، كانت أمي تضرب أختي مها ، وتصرخ فيها بكلمات قاسية ، أبعدت أمي عن أختي مها الطالبة في المرحلة المتوسطة . قالت أمي :انظري دخلت لأراها هل تتفقد دروسها ؟ وجدتها تمسك التلفون وتكلم شابا ، انظري لحسابها على تويتر ترسل له صورا ، انظري الفضيحة . ماذا نفعل بها؟ وبكت أمي ماذا أفعل بهذه الأسرة التي لا أب لها ؟. إن أسرتي تضيع مني ، الابن لا أعرف أين يذهب ؟ والبنت تراسل الأولاد إنها عاشقة ؟ كيف عرفت العشق أيتها الملعونة؟! .وانت تبكين على الخبز ؟ يارب عفوك وسترك . ثم أخذت الموبايل منها وقالت : أنت محرومة منه حتى انتهاء امتحانات الفصل .
....بعد ستتة شهور تقريبا بعد عرس أنور،شعرت سارة بٱلام الولادة ، وكنا كل يوم بعد أن كبرت بطنها نأخذها آلى الممشى ، تسير فيه لتسهيل ولادتها حسب قول الطبيب. اشتد الطلق عليها حملتها في سيارتي إلى مشفى الجهراء وكلمت والدي أن يلحق بنا من محلاته في الشويخ. أدخل الأطباء سارة غرفة الولادة وبقينا ننتظر، خرج الطبيب وقال لازال طلقها متأخرا ستبقى لمدة أربع وعشرين ساعة تحت المراقبة ، ومعها ارتفاع ضغط دم  لم يسمح لنا الاطباء بالبقاء معها. وقد طمأننا الطبيب أن الجميع هنا من الكادر الطبي والممرضات سيكونون معها والاهتمام بها.  بكرت في الصباح الباكر أنا وأمي واستقبلتنا سارة بابتسامة صفراء بكت وقالت لامي : خالتي أوصيك ببناتي. قالت لها أمي : لا تخافي سارة هذه البطن الثالثة لك وسيسر الله لك. ونفرح بالولد القادم، ماذا ستسمينه. الاطباء يقولون آنه ولد.

أدخلها الأطباء غرفة العمليات لوحت لنا بيديها ، شعرت كاني أفارق روحي لم أستطع أن أمسك دموعي التي انفجرت وكانت أمي أكثر بكاء مني. بعد ساعة كان الأطباء يركضون والمرضات يدخلن ويخرجن بسرعة يحملن أكياس الدم.
شعرت أن أمرا كبيرا قد حدث كانت خفقات قلبي تشتد.. ياالله كم أحببتها !  هي ليست زوجة أبي بل هي أختي. خرج الطبيب ليقول: إن قلبها توقف ولم يستطيعوا انقاذها مع نزيف الدم المستمر. الجنين حجمه كبير. كانت صرخاتنا تملأ المشفى. وانهارت أمي ووقعت على الأرص، كانت وحيدة لاأم ولا أخت لها. كنا  نحن أهلها.
كبرت عائلتنا وضممنا البنتين والطفل الجديد لأسرتنا. شعرت أن الزمن يخبىء لنا الكثير ، إن ذنب سارة سيلاحقنا جميعا وخاصة أبي ، لقد ماتت هذه الفقيرة التي باعها أبوها لأنها يتيمة لا أم لها ، وقساوة زوجة الأب ، كم نحن قساة في هذه الحياة !  شعرت بنفسي وكأني امرأة في الخمسين من عمرها تتكلم بالحكمة والموعظة ، هي الحياة مدرسة كبرى .دعوت الله أن يلطف بنا من سوء أعمالنا .
نادتني امي وقالت : ياشيماء أخوك  خالد علاماته سيئة في الامتحانات الشهرية ساعديه في دروسه  . أصبح كثير الخروج من البيت ولا نعرف أين يذهب ؟    ومع من يمشي ؟، أخاف عليه من دروب السوء وخاصة هذا التلفون الذي لايفارق عيونه أبدا .الموبايلات أصبحت شرا للأولاد والبنات اللهم أجرنا من أولاد هذا الزمان .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا