قصة شتاء للاديب عز الدين حسين ابو صفية

قصة شتاء :::

في صباح يوم من أيام فصل الشتاء كان الجو مشمسا تلفه نسمات رقيقة، كانت غادة تستعد للذهاب إلى مدرستها والتي لا تبعد عن منزلها سوى كيلومتر واحد .
كانت والدة غادة قد هندمتها وأعدت لها شنطة الدراسة وأعطتها إياها وحاولت أن تُلبسها جاكيت من الصوف لتقيها من برد الصباح وتحميها من أي تغيرات جوية طارئة وخاصة وأن فصل الشتاء المتقلب قد يفاجئ غادة بمطر غزير.
تمنعت غادة عن ارتداء الجاكيت وقالت لأمها بأن الجو جميل ومشمس وغير بارد.
ذهبت غادة لمدرستها وعند ساعات الظيهرة ، وبعد انتهاء يومها الدراسي، وما أن قرع جرس الدرس الأخير معلنا إنتهاء اليوم الدراسي ، سارع التلاميذ بمغادرة فصولهم متجهين نحو منازلهم ، في تلك الاثناء بدأت رشات من ماء المطر تتساقط وتزداد شدتها تدريجياً.
لم تتمكن غادة من الوصول لمنزلها بسبب انهمار الشتاء الشديد وحاولت أن تحتمي بجانب الحوائط ولكنها لم تتمكن من منع مياه الشتاء أن تبللها بالكامل، فجلست عند باب أحد البقالات تبكي وتحاول إيصال صوتها لأمها أو لأي أحد من المارين بالقرب منها ليساعدها في إيصالها لبيتها ولكن دون جدوى.
اشتد المطر والرعد والبرق وكانت غادة تتأبط كفيها لتدفئهما وتلف جسمها حول نفسها ، فغفت ، ولم يلاحظها أي من المارة في الشارع حيث كانوا يسرعون الخطى نحو منازلهم لتجنب غزارة المطر.
كانت غادة تبتسم كلما شعرت بالدفء الذي يملأ حلمها وهي تجلس بالقرب من مدفأة حلمها.
طال انتظار أم غادة لإبنتها وبدأ يساورها القلق، فخرجت من المنزل متجهة نحو المدرسة لتبحث عنها وعادت بدون أن تتمكن من ايجادها، بدأت الحيرة والقلق عليها وهي تسير بين الازقة علها تجدها واتجهت نحو الوادي فلم تجد سوى بعض الملابس التي ظنتها بأنها ملابس ابنتها غادة فصرخت ظناً منها بأن غادة نتيجة غزارة الشتاء قد انزلق نحو الوادي فازداد قلقها وهي تضرب كفاً بكف بحزن كبير.
عادت أم غادة إلى المنزل وهي تبكي حظها، ومن شدة تعبها ألقت بظهرها على حائط غرفتها وهي تنظر إلى صورة غادة المعلقة على الحائط وأخذت تحدثها وتسألها عن مكانها وماذا جرى لها، فغفت وأثناء نومها شاهدت في حلمها إبانتها غادة تبتسم، فبسرعة البرق نهضت واحتضنت طيفها واذ بقبلاتها تنهال على وجنتي غادة التي للتو عادت  للمنزل وألقت بنفسها في حضن أمها النائمة.

د. عز الدين حسين أبو صفية ،،،

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا