على اوتار القلوب...جرجس لفلوف

 على  أوتار الغروب.

جلست على قمة خريف عمري. انظر من شرفة منزلي إلى فضاء عمري وقدماي تستعد  للانزلاق إلى شتائه

رأيت الشمس تستعد للمغيب تقول لي وصلت ساعة الغروب فماذا تنتظر؟ 

أخذتني الذاكرة الى أيام كنت أجلس فيها قبل الغروب على حافة نبع ماء يتدفق نقيا كقلوب الاطفال. أرى امامي غابة حراجية تحيط بها البساتين والحقول الزراعية كسوار اخضرموشى بكل ألوان الطبيعة الغناء 

النهار دافئ.الهواء عليل الفضاء مفتوح المدى تسبح عيناي في محيطه تلاعب أوراق الشجر وسنابل القمح والشعير وازهار البنفسج والأقحوان ويسافر  المدى معي إلى سواحل البحر ويعود بي إلى ماض عشته في هذه الديار. مسقط راسي ومسرح طفولتي وشبابي. رأيت فيه أجدادا وجدات .آباءا وامهات رعوني وعلموني وتعبوا في تربيتي.اقارب ورفاق وأصدقاء ثعايشت ولعبت وفرحت وحزنت معهم رحل الكثير منهم ولا زال بعضهم مثلي ينتظر ساعة الرحيل. كما رايت افراخا غادروا عشهم وبنوا اعشاشا لفراخهم الذين زرعوا في تربة شيخوختي ورودا جددت رائحة عطرها حياتي  وعلمتني أن الإنسان باق ما بقيت الحياة  يأتي إلى الدنيا ويرحل منها تاركا من أتى بعده ويبقى خالدا خلود الزمان والمكان  

جلست على شرفة منزلي وأخذت الملم اشلائي المبعثرة بين دروب الماضي والحاضر وما بقي من رحلة العمر .نظرت إلى الوراء فرأيت أزقة وحارات وبيوت ترابية واكواخ من ثنك واغصان أشجار وإلى جانبها  شوارعا  وساحات وبنايات وقصورا .رأيت حدائقا تكللها الأزهار وبجانبها يعيش الشوك وأوراق الصبار وتستمر الحياة في سيرها بين الورد والشوك والعسل والحنظل ويرحل الجميع مخلفين بذورا تبرعم وتورق وتزهر وتثمر وتجدد الحياة فهل العمر وهم ام حلم ام حقيقة ام رحلة في ملاهي الزمن .?

نظرت إلى الأمام فرأيت منزلقا صعبا يوصل إلى واد عميق تغمره المياه فهل يمكن الهبوط إليه والعوم  على وجهه للوصول بسلام إلى نهاية لا نعرف مصيرها.?

عدت إلى ذاتي اسألها عما تختزنه ذاكرتي فاخبرتني..كان الطريق طويلا مليئا بالنجاحآت والخيبات كنت في كل يوم انظر إلى السماء وابني قصرا في الثريا دفعت الثمن جهدا وعرقا وسهرا.اقمت بعض جدران القصر وقبابه وسقط بعضها ولا أعلم أن كنت أكملت البناء لأن الإنسان يحمل عينا فارغة لا تشبع من الدنيا حتى في ساعات النزاع الأخير 

توقفت الذاكرة عن الكلام المباح وقد علمتني أن الوصول إلى الثريا صعب المنال وقد يكون من المستحيل لأن الحياة أعمق وأعقد واكثر صدقا من خيالنا  وامانينا وطموحاتنا . 

توقفت عن الكلام ورحلت مع الشمس  في حلم. أخذتي إلى ما بعد الحياة وبقي السؤال يبحث عن الجواب في متاهات الذاكرة

جرجس لفلوف سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا