امرأة متمردة ج2… مجموعة قصصية للكاتب بركات الساير العنزي

الكاتب القاص
 بركات الساير العنزي
من مجموعتي القصصية (حوارات وأفكار )
امرأة متمردة ج2
وكثر خطاب غصون ، ورغم جمالها فإن غصون لا تهتم بنفسها فهي لا تستعمل أدوات التجميل ولا الثياب الأنيقة، وتلبس لباس الأولاد ، وتبدو أحيانا أنها بهيئة عامل رجل ،وتمشي مشية الولد ، ولم تأبه لكل النصائح لقد طبعت من الصغر على هذه الصفات .تقدم لها رجل سعودي معروف بأخلاقه ومكانته ، قبلت به غصون ، حاولت أمها أن تغير من طبعها وشكلها نادتها وقالت لها : ابنتي غصون أصبحت في مرحلة الزواج ويجب أن تخففي من نبرة صوتك المرتفع ، وأن تلبسي ثياب النساء ، وأن تتزيني بزينة البنات ، اسستخدمي المكياج ليزيدك جمالا ، وكوني رقيقة حتى تكسبي قلب زوجك بعد الزواج ،لا تكوني مثلي في أول حياتي . هزت غصون جسمها أمام أمها وقالت : أمي جمالي طبيعي ولا يحتاج لمكياج ، وأحب لباس الشباب ، ألبس بنطالا وقميصا وهذا ليس بعيب ، إن رضي زوجي في المستقبل فأهلا به وإن لم يرض فلن أغير نفسي . تزوجت غصون من الرجل السعودي.وكانت غصون يوم الزفاف اجمل صورة لم تعرف بنت بجمالها ، فقد كانت سيدة الصالة بالجمال أحاط بها النساء من كل جانب وهن يتعجبن بجمالها ، قالت امراة كبيرة من بين الحاضرين ، يانساء الحفل اذكرن الله كثيرا ولا تتعجبن،وفلن ماشاء الله والصلاة على نبينا محمد . أرادت المرأة الكبيرة أن تحميها من حرارة العين . فقد خافت عليها من عين لم تذكر الله ولم تصل على النبي. بعد الزواج صدم فيصل زوج غصون من زوجته ـ فهي لن تقبل الطاعة ولا تسلم نفسها له ، فقد كانت نافرة للحب عصية على الزوج ، كأن لاتعرف معنى أن تكون زوجة ، حاول معها كثيرا وحاولت النساء إقناعها ان هذه سنة الحياة وسنة الزواج ، وأن الزواج أسرة وأولاد لكن كل ذلك الكلام لم يقنعها ، فهي لم تفهم مامعنى الزواج وهذا هوالسر في عدم تزينها مثل بقية البنات قبل الزواج ، لم تكن مقتنعة بأن تكون يوما مع رجل يحبها ويشملها بحبه وعطفه ، كانت تفكر أن الزواج أن تكون مع رجل يصبح صديقا لها فقط . وباءت كل المحاولات بالفشل فطلقها زوجها فيصل بعد شهور ، ورجعت إلى بيتها أهلها كما خرجت منه.لم تعرف ماذا تفعل ؟ ولم تفهم معنى الطلاق حسب مفهومها لم تكن سيئة مع زوجها ولكنها لم تستطع أن تعطيه مايريد ، وتسرع بالطلاق . ربما كانت محتاجة لمرشد نفسي وربما من عقدة لازمتها من طفولتها ، لم يعرف أحد السبب في مجتمع لازال يعتمد على الظاهر ولا يعترف بباطن النفس والأمور النفسية ، رأوها قوية الشخصية من الظاهر ولم يعرفوا أنه ضعيفة من الداخل تخاف من الرجل. أول ظلم أحاطها وقطع من جزءا من حياتها ليسميها الناس مطلقة وهي مازالت في لباس عذريتها .هاهي الأيام تبدا بعقوبتها عقوبة الفقر ، وعقوبة الجمال . وكثيرا ماتقول المرأة جمالي سر تعاستي وسر بلائي . بقيت ساكنة صامتة كأنه تقف على حافة رصيف الحياة .لاتعرف حتى أمياتها القابعة في قاع الحياة ، وتبدو كأنها مستهترة بنفسها . لقد غادرها أول فرح بحياتها لم تعرف كيف تمسك به . انزلق من يديها كانزلاقة سمكة من يد صياد مبتدىء نحو الماء.

توفي والدها وكان معينا لهم . وأخوتها يعملون لأنفسهم فقط ، وكل منهم يحتفظ بماله لا يقدمون إلا القليل لأمهم .كل منهم يجهز نفسه للزواج وادخار مايلزم . لم يقطع الأولاد بسورية بأمهم شجون ، فهم يرسلون معونة لأمهم كل شهر ، الولدان والبنت ويتصلون بأمهم لقد كانوا أكثر برا بأمهم وأختهم رغم أن أمهم تركتهم صغارا عند أبيهم ولم تسأل عنهم حتى بعد أن كبروا ، ولكن الأولاد بقوا يراسلون أمهم ويرفعون من معنوياتها .وكانت أختها غير الشقيقة في سورية تمدها بكل احتياجاتها .وهي لا تعرف أخوتها في سورية إلا من الصور حيث لم تنزل أمها شجون على سورية منذ زواجها .

بقيت غصون في بيت أهلها على ناصية من طريق حياتها ، تنتظر عريسا جديدا لعل القادم أفضل. وتمني نفسها بأمنيات كثيرة مبعثرة ، ولكنها لم تغير من واقع نفسها ومن لباسها وحركاتها الرجولية .ولكن جمالها الملفت للنظر يغطي على كل شيء فيها ، فلا يبدو بها أي عيب ، والرجال يأسرهم الجمال الظاهر البارز من العيون والخدود والطول الممشوق .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي