امرأة متمردةج3… .للكاتب بركات الساير العنزي

الكاتب القاص :بركات الساير العنزي
من مجموعتي القصصية الثالثة
(حوارات وأفكار ) تحت الطباعة
امرأة متمردة ج 3

...بعد شهور تقدم لها رجل جديد سعودي يسمى مرزوق وهب الظفيري وقد أعجب بجمالها حسب وصف أخته لها ، حيث رأتها في أحد الأعراس فحفظت شكلها وأخذت عنوانها وصورتها في العرس سرا . وعندما رأى أخوها مرزوق الصورة جن جنونه وقارن بينها وبين امرأته ، فوجد فرقا كبيرا بالجمال والشكل.   تزوجت غصون من مرزوق الظفيري  من غير احتفالات ولا صالات، حسب رغبة الزوجين ، كان من ضمن الشروط أن تكون مستقلة في بيت لنفسها .بعيدا عن أولاده وزوجته ، وقد وافق الرجل على كل الشروط التي طلبتها غصون وأمها .امضت غصون مع زوجها ثلاثة شهور جميلة . وجدت دلالا من زوجها واهتماما بها . بعد الشهور الثلاثة طلب منها مرزوق أن تسكن مع زوجته وأولاده . بحجة لايريد الابتعاد عن أولاده .ولا يستطيع دفع مصاريف بيتين ، رفضت في البداية . ولكنه أصر على ذلك . وقال لها: سوف تسكنين في الدور العلوي من البيت وتكونين مستقلة لنفسك .
وجدت تغيرا من زوجها مرزوق ، بدات تتغير أخلاقه يريد أن يعاملها كرقيقة مستعبدة ، يناديها بكلمات نابية وسيئة ويصرخ في وجهها امام أولاده وزوجته،لم تتقبل هذا الأمر كلما ساء من معاملتها ساءت من معاملته . وترد عليه الكلمة بكلمتين ، أراد ان يظهر نفسه انه الرجل القوي يمارس تعسفه وظلمه عليها ، ولكنه لم يستطع فيعود الامر عليه بالخجل أمام أولاده وزوجته. التي تبتسم وتضحك تشفيا من زوجها .أراد مرة ان يصفعها قمسكت يده بقوة وضغطتها . وقالت له إن مددت يدك مرة ثانية كسرتها لك . واجعل كل أهلك يضحكون عليك. فسحب يده  ولو زاد لرمته على الأرض . عرف نفسه أنه ضعيف أمامها والأفضل أن يكسب احترامه . ومن لم يفرض رجولته في اليوم الأول . فقد فاته القطار. لقد نسي أن يذبح القط في أول زواجه من الزوجة الأولى .
نامت  غـصون على فراشها وتسللت بعض الأحلام لجفونها واطبقت رموشهابعمق ، ووضعت الوسادة على عينيها كي تتعمق في النوم الشارد ، ثمة أحلام وردية تغازل عينيها . تريد حياةهادئة آمنة  تريد أسرة ، لم تحمل بعد وليدا في بطنها . لابد أن رحمها يرفض أن يضم طفلا في جوانبه من هذا المعتوه . تلاشت الأحلام هربا بعد دخول زوجها الفراش ، شعرت بتقزز جسدها منه .رائحة دخانه تزكم الأنف . لاينقطع عن الشيشة والدحان في ديوانيته ، نهضت من فراشها وذهبت إلى الغرفة الثانية كي تنام لوحدها مع أحلامها .ولكن مرزوق لحق بها وصرخ فيها ،                          وقال لها :ارجعي نامي في فراشك وفي غرفتك .                                                                                   - لا استطيع ان أتحمل رائحة دخانك .                                                                      -ولماذا لا تستطعين كل يوم هذه رائحتي ولم تشتكي ؟                                                                              - اليوم احس بك كانك مدخنة                                                                                                  -هيا انهضي وارجعي نامي فراشك .                                                                                         قامت مكرهة على ذلك  ونامت في فراشها وقد أبعدت جسمها عنه . وقد أعلقت ستائر أحلامها بستارة سوداء لتنام على القهر.
استيقظ الزوجان في الصباح وكان وجه مرزوق محمرا ، ابتسمت في داخلها وعرفت أنها عاقبته عقوبة شديدة في الليلة الماضية . انفعل مرزوق من غصون وراح يشتمها ويسبها ويعيرها بالفقر وبأهلها . قالت له : لا تتكلم كثيرا إن لم يعجبك الوضع فطلقني . وهزته من كتفيه وخاف ان ترميه على الأرض لو أكثر من السباب والشتيمة فطلقها . وقال لها خذي امتعتك واخرجي من بيتي .
عادت غصون إلى بيت أهلها في حي النسيم في الرياض ،بكت على حظها وحالها ، الحظ الذي حاربها في جمالها . استقبلتها أمها وحضنتها وقالت لها : البيت الذي رباك لا يكرهك . رجعت إلى بيت والدها لتعيش حيتها من غير اوجاع ولا أوامر ولا احتقار ولا استعباد .                                                           استفاقت في الصباح الباكر ، فتحت نافذة غرفتها ، لعلها ترى أشعة الشمس المتسربة من بين البيوت ، ومن وراء الجدران ، اختلست نظرات على الشارع فوجدته حزينا ساكنا خاليا من الناس . إلا من بعض عمال النظافة الهنود .                   أرادت الخروج . صرخت بها أمها : إلى أين تخرجين ؟ قالت إلى البقالة أشترى خبزا وبعض الحاجات . قالت لها أمها: كيف تخرجين وأنت سافرة ؟                             قالت : إنه أمرعادي لا يهني سينظر إلي الرجال ، فلينظروا ولكن لن يحصلوا على شيء . قالت لها أمها تكبرين وتبقين طائشة ، البسي العباءة والحجاب واخرجي .  قالت لأمها : كم أتمنى لوأني أقود كل النساء في ثورة عارمة ضد الرجال                   لنيل الحرية !! وكسر كل قيود المجتمع  ، ردت الام وقالت : من الصعب أن تغيري عاداتنا وتقالينا لقد  تربينا عليها وعشنا ، إن كانت صالحة أو كانت فاسدة ،                             هذا قدرنا معشر النساء . لقد عشت تجربتك في شبابي ولم أستطع أن أغير من المفاهيم ، ولم أستطع أن أتخلص من قيود كثيرة . إذا اردت أن تعيشي هادئة مرتاحة كان عليك أن تتقبلي الواقع وأن تكوني إنسانة ولكن من الدرجة الثانية، يجب أن تقبلي أن تكوني محكومة لا حاكما ، ورقيقة لا سيدة ، وإذا عاندت فالطلاق مصيرك . قالت عصون : وانا يا أمي لن أقبل بهذا الواقع مهما كلفني من حياتي ، الموت أهون عندي من الذل والهوان . قالت أمها : هذا الفرق بيني وبينك أنا فهمت الواقع ورضخت له . وانت بقيت طائشة متهورة لم تدركي معنى حياة المرأة .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي