المحارب… قصة بقلم الكاتب اركان القيسي

المحارب....

رجع من المدرسة بلا كتب ، ثيابه ممزقة ويبدو وجهه عابسا ، تعجبت أمه!!! ها يا حسام ما الخطب ؟! تركت المدرسة ولن أعود لها ثانية ، ولماذا ؟ وما هذه الجروح بوجهك ؟ ومن سببها ؟! أنت يا أمي ، ولماذا أنا ؟ الطلاب يعيروني بك لأنك تعملين في حقل الدواجن ، أما قلت لهم اني يتيم و أمي تعيلنا وهذا شرف لنا ، أمي هؤلاء حمقى لا يعون ما تقولين ، فوالله لن أعود ثانية وسأعمل في السوق وتلزمين أنت البيت ، أريد أن أصبح رجل هذا البيت ، انهمر الدمع من عينيها لا تعرف ما تقول ؟ حاولت إقناعه بدون جدوى ، يطالع أخته الصغرى وقد أغرورقت عيناها بالدموع ، جثا على ركبتيه وهو يقبل يد أمه ويمسح الدمع من وجنتي أخته ، ثم يضحك لا داعي للقلق سأعمل وأختي تواصل دراستها وأنت يا أمي تصبحين سيدة هذا المنزل ، ولا أحد بعد هذا اليوم يعيرني بك ، أخته حفظك الله لنا يا أخي ورزقك .... بعد أيام  باعت أمه بقرتهم الوحيدة و اشترت له حمارا وعربة ، وبدأ مشواره في السوق بنقل البضائع للناس والتجار ، فتح الله عليه رزقا طيبا نال رضا الناس بأخلاقه وتعامله ، كان محبا لحماره ويعتني به ويحرص على اطعامه ونظافته ، وكان يريحه في الإسبوع يوما واحدا ، واستمر على هذا الحال و بعد مضي سنتين ألحت عليه أمه بأن يدخل المدرسة المسائية بعدما تحسن وضعهم ، رضخ لطلب أمه وبدأ يدرس بعد الظهر حينما ينتهي من العمل ، أمه كانت تحرص بالدعاء له بالتوفيق في المدرسة والعمل ، ازدادت نعمة الله عليهم وتوفيقه لهم ، فتحوا دكانا في البيت وبمرور الزمن اجتهد حسام بفكرة فاتح بها أمه ، أمي نعم يا بني ماذا تقولين لو اشتريت حمارا آخر وعربة ؟ وجعلت جيراننا زيدا شريكا لنا فهو بلا عمل ، نعم الرأي رأيك فأنا معك في هذا المشروع ، وفي المرحلة الدراسية الأخيرة تفرغ للدراسة و جعل لحماره عاملا بدلا عنه ، وفي نهاية العام تفوق في الإمتحانات ودخل كلية الزراعة حتى تخرج فيها وعين في دائرة الزراعة وقرر اهداء الحمارين لصاحبيه اعتزازا بهما ولطيب موقفهما معه طيلة تلك الفترة الحرجة ، أحب حسام منطقته وفكر بفتح مشاريع فيها ، فقدم مفاجأة لأمه وأولى تلك المشاريع مشروع حقل الدواجن فهو من ذكريات أمه وتحب هذا العمل بجنون . فتح أكثر من مشروع شغل فيه شباب منطقته فأحبوه كثيرا لأنه انسان طيب و خلوق ، حقق المستحيل و حارب من أجل حلم أمه كثيرا ، و أخيرا علق لافتة في السوق كتب عليها عيادة الدكتورة أخته لمى .

بقلم أركان القيسي العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي