ثرثرة ج ٢من مجموعةحلم القصصية للكاتب بركات الساير العنزي

بركات الساير العنزي
من مجموعتي الأولى ( الحلم )
ط- دار نوفا بلاس -الكويت
ثرثرة ( 2 )
على شاطئ السالمية كانت سهرتنا في اليوم التالي لتكملة سهرة نهاية الأسبوع .كان صديقنا أحمد كريما مضيافا صاحب مرح وسرور يتحمل أصدقاءه ,وقد عرفت منه الإخلاص خلال معرفتي القديمة به , قلت : (الحديث لسامي) أحب أحمد لثلاثة أشياء فيه ، لصدقه ، وصراحته ، وعداوته للسيارات ، هذا ما أعجبني فيه. رد أبو باسل : ولهذا حطم ثلاث سيارات في ظرف ثلاث سنوات .  قلت : الذنب لبس ذنبه , إنما الذنب على السيارات , فهي تسرع ولا ترى الحواجز أمامها. أضف إلى ذلك قدمه اليمنى التي لا ترحم السيارة . المرة الأولى فاجأته إشارة المرور في العدان وهو يفكر بالعزيزة الغالية ، فدخل في الجزيرة أهون الأمرين . و المرة الثانية فاجأته حواجز الحدود في الحديثة فدخل فيها وترك سيارته جثة هامدة في مقابر السيارات في السعودية ،وحمدا لله على سلامته . أما المرة الثالثة فقد قفزت السيارة من فوق الجسر في اللاذقية وتحطمت . ماذا يفعل لهذه السيارات اللعينة ؟. قال أبو باسل : ولا تنس سببا أخر ، إنها قدمه ، فهي من القياس الكبير ووزنها الثقيل بلمسة خفيفة على البنزين يجعل السيارة كالطيارة ضحكنا كثيرا .  أراد أحمد الخلاص من الموضوع والتفت إلى جمال الهادي قائلا : ما آخر أخبار زواجك يا أستاذ؟ : رد جمال بابتسامة خجولة : لازلت أفكر في الموضوع.  سأل أبو باسل (جمال) : كيف تعرفت على صديقتك ؟، أو لنقل محبو بتك ….. قال سامي : من الانترنت . أبو باسل : من برنامج على الهوا سوا . سامي : لماذا لم تخطب عيوش ؟ أو خذ ميرفت. تنهد جمال وأخذ نفسا طويلا وقال :  يكفيكم سخرية يا جماعة ، أتسخرون من قصة حب ؟! أنا جاد في الموضوع ، ولكن سأقول لكم ما تريدون : كانت المخلوقة المحبوبة الجديدة واسمها زينب ، لا أبرىء نفسي ، انجذبت لجمالها من أول مرة ، وأنت تعرف واقعنا، ننظر إلى الهنديات فنحسبهن ملكات جمال ، ولكن زينب جميلة حقا .
تعلقت بها ، تقاربنا بالحديث بصراحة وشفافية ، بدأت أسالها عن أحوالها ، فتشكو لي متاعبها وأبدي .. استعدادي لمساعدتها، وأسألها عن أمورها الشخصية وهنا كان المدخل إلى قلبها .قال سامي وماذا حدثتك أيها المغامر؟ - تقدم لي شاب من أقاربي ذو مكانة اجتماعية ووظيفة مرموقة ،و شعرت أني محظوظة بهذا الزواج . كنت سعيدة معه لسنوات شعرت أني أحلق مع النجوم من شدة سعادتي وفرحي ، أنجبت منه ابنتين وولدا ثم بدأ يتغير ويتذمر. راح ينقد كل شيء , في حياتنا ، حاولت أن أنفذ كل رغباته ولكن لا فائدة . -زينب ما هذا الثوب ؟ ألا تغيرينه ؟  - ما به يا رجل؟! إنه ثوب جديد لقد فصلته منذ مدة ليست بالبعيدة ، وعلى كل لدي ثلاثة أثواب عند الخياط الهندي وستعجبك إن شاء الله . وهكذا أصبحت الثياب لا تعجبه ، وكل شيء لا يعجبه ، عملت كل ما أقدر عليه ولكني لم أستطع أن أملك قلبه ، يدخل البيت كضيف ويخرج منه كضيف . استسلمت لحظي وقدري . -قلت لها : لماذا لم تحاولي التقرب منه ؟  - حاولت ولكني شعرت أني أقود حربا خاسرة مثل حروب العرب . اعلم أن حرب القلوب من أصعب الحروب .قد تكسب حربا على جيش بعد هزيمة,ولكن من الصعب أن تكسب قلبا بعد حرب .
-مرة طلبتني على الهاتف وقالت ما رأيك نخرج هذا المساء إلى الخليج ، هناك نأخذ حريتنا بالكلام. - قلت أين ؟ قالت : في وادي المسيلة . جلسنا في زاوية على شاطئ الخليج بعيدا عن أعين الناس .شعرت بالرهبة .. الأمر جاد يا جمال , والهروب عيب
( تكلمت مع نفسي ) حدثتني عن نفسها ، شعرت أنها بحاجة إلى رجل ، تحكي له كل عذابها وكل آلامها.وجدتها وقد ملأ الهم صدرها، ولم يعد يتسع لشيء وأرادت أن تتكلم وتتكلم .كانت تريد الكلام ولكنها تخفي في نفسها الكثير،ربما لم تجد الشخص الذي تثق به لتبوح بمكنون حزنها وقهرها . بكت كثيرا بكت كطفل ، وبكت كأم ، وبكت كامرأة مكسورة الجناح .
مسحت دموعها برفق .. من الوجه الذي تألق جمالا ، شعرت بالحزن لألمها شعرت بنفسي إنسانا أواسي الآخرين , وكرجل ظالم ويواسي المظلومين .
  أي مفارقة في ذلك ؟ أشعل سيجارته وأخذ نفسا عميقا ثم قال : - قالت :ما رأيك في الزواج ؟ قلت كيف ؟ وأنت تعرفين أني متزوج وعندي أولاد وأنا أحبهم . والمشكلة كيف أواجه زوجتي بهذا الزواج ؟ والزواج يحتاج إلى مصاريف ، أولادي أولى بها . - قالت نتزوج زواج المسيار … -قلت سأفكر في الأمر ، أصبت بالدوار نظرت إلى البحر وجدت نفسي وسط الأمواج التي تتقاذفني ، أحسست أني ألعب لعبة خطرة من الصعب الخروج منها . -قال أحمد إنك مجنون ستكون شخصية مسحوقة .أتريد الذل بعد حياة عزيزة ؟. -ولم الذل يا صديقي أليس من حقي أن أستمتع بحياتي ؟  -بلى ولكن ليس على حساب غيرك . -أنا مصمم على بقاء حبي لأولادي وزوجتي ، وهذا ظرف طارئ . -أنت توهم نفسك ، وتريد أن تدس رأسك مثل النعامة … -أنت تعرف أني أحب الجمال ، أحب النساء ، ولساني العذب يوقعني . -كلنا مثلك ولكن نحسن التصرف يا جمال .  طالت سهرتنا ، قلت يا أبا ياسر: أريد منك أن ننهي هذه السهرة بقول بيت من الشعر يمثل مواقف سهراتنا . قال أبو ياسر : يحضرني بيت من الشعر ، للشاعر زهير بن أبي سلمة، وهو شاعر الحكمة.
 ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عنه ويذمم -                قلت أصبت والله لا مكان للبخيل بين الأهل والأقارب والأصدقاء . -قال أبو باسل أما أنا فأتمثل بيت الشاعر : 
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي - نعم البخيل لا مكان له بين الناس فهو المطعوم المكسو . -قلت ،أما أنا فأردد بيت الشاعر (إيليا أبو ماضي) :

من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنه أحمق بالحرص ينتحر -قال أبو باسل : أحسنت الختام يا صديقي ، الحياة لمن يعطي ، ويعطي ولا ينتظر العطاء والرد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي