اعتراف… قصة للاديب رومي الريس

كان يوماً شاقا ،مرهقا بذل فيه حسام جهدا مضاعفا للانتهاء من رسوماته الهندسية .خلع حسام نظارته الطبيه وفرك عينيه
ومد ذراعيه متمطعا وامسك ظهره بيده ثم هب واقفا . نظر من نافذة مكتبه فوجد السماء ملبدة بالفيوم والسحب المتكاثره منذره بقرب سقوط الأمطار .ارتدي معطفه الشتوي
وأسرع للخروج .انطلق حسام بسيارته وبدأ سقوط المطر .كان خفيفا في البداية ثم تزايدت كميته فزاد حسام من سرعته كي يصل لمنزله قبل أن تمتلئ الشوارع والطرقات بمياه المطر وتسبب حوادث مرورية أو بطيء الحركة المرورية. كان الطريق خاليا نسبياً من السيارات ولكن كانت الاناره منعدمة مما تسبب فى صعوبة في الرؤية .فتح حسام مساحات السيارة لإزالة ماء المطر من على واجهة السيارة ومن أجل رؤية أوضح لمعالم الطريق. وبينما كان سائرا في امان الله قطع عليه الطريق شخصا مر
أمامه بسرعة فائقة حاول حسام أن يتفاداه ولكن سبق السيف العزل ودهست السيارة عابر الطريق وسقط تحت عجلاتها .احس حسام بقشعريره تسري في جسده وأحس كأنما أصابه شلل .اوقف حسام السياره جانباً ونزل وقلبه يكاد يخرج من بين ضلوعه فوجد آثار الدماء في الارض. اخفي عينيه بيديه واحس بدوار . اقترب حسام من الجثه الملقاة على الأرض بحذر شديد . كانت الجثه مضرجه بالدماء . وجدها جثه رجل عجوز في الستينات من العمر تقريبا.اخذ حسام يبكي بحرقة وأخذ يصرخ كالمجنون :يا الله
ماذا فعلت ؟ ياالهي لقد قتلت نفسا بريئه ! ماذا أفعل؟ اقترب حسام من الجثه المسجاه على الأرض وجس نبض الرجل فوجده قد فارق الحياة. ركب حسام سيارته وانطلق كالمجنون . وصل حسام الي منزله ودخل الي فراشه بكامل
ملابسه و هو ينتفض فاحست به زوجته وقالت له : حسام حمد الله على السلامه .  لماذا لم تبدل ملابسك ؟ فقال لها: اتركيني .اريد ان انام. انا متعب للغاية.
فقالت له: حسنا حبيبي كما تحب .بعد تلك الليلة المشؤمه تحولت حياة حسام الي جحيم .لم يعد يستطيع أن يأكل أو يشرب أو
ينام .قد عجز عقله عن التفكير تماما.ظلت صورة وجه الرجل القتيل في خياله لا تفارقه . لقد
تحولت حياته الي جحيم .حتي أنه لم يعد يذهب إلى مكتبه.
واهمل أعماله وتوقفت حياته فعليا .لم يحك حسام لأحد عن
تلك الحادثه المشؤؤمه مما زاد العبء النفسي عليه.فلم يقدر أن يحكي لاحد عن تلك الحادثه ولا حتى لاقرب الناس إليه.
ظل حسام وقتا طويلا في صراع مع ضميره حتى قرر آخر الأمر الذهاب للسلطات والاعتراف . ذهب حسام إلي قسم الشرطة ووقف على الباب وطلب من الساعي مقابلة الظابط.دخل حسام ووقف أمام الظابط منهارا ووجهه مبلل
بالدموع قائلا: اريد الاعتراف.
                          تمت
              بقلم رومي الريس
                  بعنوان (اعتراف)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي