المؤاةرة قصة بقلم محةد فؤاد أبو بطة

من قصة ( المؤامرة ) من المجموعة القصصية المأزق
6
كان كبيرهم يجلس مع عصابته وقد اتخذوا قرارا حاسما ! فقد قرروا أن يبطشوا بمديرهم العام حتي لايورطهم! فغادرت يد البطش لتنفيذ قرارهم في الطريق! وعاد كبيرهم إلي بيته وأخذ يضرب زوجته ضربا مبرحا و يهددها بالقتل إذا نطقت بحرف! وإنه سيرسلها إلي بيت أبيها حتي تنتهي هذه القضية وهي ترتجف خوفا وترتعد مفاصلها فهي تعرفه جيدا !.
نقل المدير العام إلي المستشفي في غيبوبة كاملة أثر تعرضه لضربة قوية بآلة حادة علي مؤخرة رأسه وبدا كأنه في حالة موت سريري! فضاع أحد المؤمنين ببراءة الحبيس لتتعقد مشكلته!وعندما علم بما حدث للمدير العام أيقن أن الجناة لن يتهاونوا مع من يشكل عليهم أي خطر ولو معنويا! قال ذلك وهو لا يعرف ما دار من حديث بين المدير العام وزوجة كبيرهم؟أو الذي حدث بين كبيرهم وزوجته؟ وانتابه شعور عميق بالتفكير في شيء يحرك النيابة للتفكير في محاور أخري حتي لا تكتفي بوجود متهم وحيد تحاصره الأدلة وشهادة زملائه المتآمرين! فبدأ يستعيد شريط الأحداث من أول لحظة وقف فيها الميكروباص أمامه، وركوبـه وسؤالـه عن الغائب ، والصور الكثيرة ، وزميله وبصحبته الفتاتين ومحاولة تنظيم الجلوس في الميكروباص بحيث تجلس الفتاتان بجواره ، ومغادرته لصلاة العشاء ولقائه بصديقه القديم ، واعتذاره لعدم ركوبه معهم ورؤيته للفتاتين وقد تعرت إحداهما! بل وأكثر من ذلك عدم حضورهم لحفل الزفاف وحضور كبيرهم بمفرده قرب نهاية الحفل بملابس غير التي رآه بها لحظة صعوده الميكروباص ! فأين ذهبت ملابسه التي كان يرتديها ؟! هذه واحدة ! وطلباته لمشروبات كثيرة لينهي الأمر بسكب الشاي علي ملابسه ليذهبا معا للحمام ليأخذ ساعته ويحتفظ بها! هذه ثانية! فالأمر مخطط له بكل دقة ليحتفظ بساعته ويخفي ما حدث لساعته عند ارتكاب الجريمة خاصة وأن الساعتين متشابهتان تماما ! وأخيرا حضور المدير العام ليشد من أزره وليؤكد براءته! إذن ما حدث للمدير العام ليس مصادفة بل مدبر! فهل عرف المدير العام شيئا خطيرا ليفعلوا به ما فعلوه ؟! هذا هو السؤال الذي أريد أن أعرف إجابته! فربما يكون مفتاح اللغز في هذه الإجابة ؟!هل يصدقني رئيس النيابة إذا قلت له هذه الملاحظات الثلاث ؟! أم سيقول إنها محاولة للخروج من هذه القضية؟! .
كانت زوجة كبيرهم في بيت أبيها ترتجف ولا تتحدث مع أي شخص عن أي شيء! فقد أيقنت أنه اشترك في تلك الجريمة !وأن المتهم المحبوس حاليا لم يرتكبها ولكن من يشهد بذلك؟! فزوجها لن يتورع عن تشويهها بماء النار اذا فكرت في الخروج! وربما يكون أحد أعوانه يراقب البيت ! كان الرعب يملأ قلبها والخوف يكاد يقتلها وهي لا تستطيع التوقف عن التفكير في البريء! ولكن ماذا تفعل ؟هل تضحي بحياتها من أجل إنسان آخر؟! هل تفقد جمالها لأجل إنقاذ شخص لا تعرفه ؟!ثم انتفضت فجأة فقد خطر ببالها أن الحقيقة انكشفت! وأصبحت مشتركة معهم بتسترها علي الجاني الحقيقي ! فأصابتها حالة من الهيستيريا الشديدة وبدأت تصرخ وتصرخ حتي سقطت مغشيا عليها بين إخوتها ووالديها !.
أصر المتهم البريء علي طلب لقاء رئيس النيابة فهناك معلومات جديدة يريد أن يخبره بها وزملاء الزنزانة يحاولون إقناعه بالتريث! فلو أن المعلومات ليست بالمهمة فلن يسمحوا له بمقابلة رئيس النيابة مرة ثانية إلا عند العرض لتجديد حبسه علي ذمة التحقيق وهو يصر علي طلبه !.
عندما سأله رئيس النيابة عن تلك المعلومات فأخبره بالثلاث ملاحظات التي توصل إليها فهز رأسه ثم فندها له واحدة تلو الأخري قائلا:
ـ بالنسبة لملابسه فالوقت يسمح له بالعودة للبيت وتغييرها! أما الساعة فربما يكون نسيها معه فعلا وبدون قصد! وأما ما حدث للمدير العام فلا يعرفه أحد فالأمر قيد البحث والتحقيق !
ـ إذن سأظل متهما بدون أمل في الخروج من هنا ؟!
عاد إلي محبسه حزينا في الوقت الذي استدعي فيه رئيس النيابة رئيس المباحث ليطلب منه محاولة الإجابة عن هذه الملاحظات الثلاث ! ورئيس المباحث يحاول أن يقنعه أن كل المتهمين يصرون علي براءتهم رغم أنهم الجناة!.
دخل عليه سكرتيره ليخبره بوجود سيدة بالمستشفي العام تم إنقاذها بعد محاولة انتحارها علي حد قول أسرتها كما جاء بمحضر الشرطة! فاستدعي أحد وكلاء النيابة ليذهب إلي المستشفي العام ليحقق في الأمر.
تجمعت خيوط القضية جميعها بالمستشفي العام ! زوجة كبيرهم التي حاولت الانتحار، والمدير العام بالعناية المركزة أثر تعرضه لضربة قوية علي مؤخرة رأسه، وكل أفراد المجموعة في المستشفي للوقوف بجانب كبيرهم في أزمة زوجته! دخل وكيل النيابة ليستجوبها فلم تصدق أنه وكيل النيابة وأخذت تصرخ وهي تقول إنه جاء ليقتلها! وطلبت الشرطة والضابط الموجود بالخارج فدخل فبادرته مستنجدة لينقذها من هذا الرجل الذي يريد أن يقتلها! فأخبرها الضابط أنه السيد وكيل النيابة !فاستفسرت منه مرة ثانية فأكد لها أنه هو فقالت في صراخ :
ـ إنه القاتل !.
شعر وكيل النيابة أن هناك سوء فهم فقد أنقذوها من الانتحار وليس من القتل! فنظر إليها ليستشف أي شيء من نظراتها ! ولكنها فاجأته بقولها:
ـ إن زوجي قاتل الفتاتين !.
الكتاب : المأزق – مجموعة قصصية
الكاتب : محمد فؤاد أبو بطه
الطبعة : الأولي
رقم الإيداع : 7678/2009
الترقيم الدولي : 977-17-6855-7

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا