الثامنة بالتوقيت المحلي… قصة بقلم محمد أمين بافي سامان

/قصة قصيرة /
/ الثامنة بالتوقيت المحلي/

/ محمد أمين بافي سامان/ 

استيقظ احمدكعادته فجرا لاداءالصلاةثم عاد الى فراشه ريثما يبزغ ضوء الصباح،ثم قام بعدذلك وكل من في البيت لازالوا نياما،اتجه نحو النافذة ليرى حركة الشارع والتي كانت بطيئةإلا من بعض المارةبدأيحتسي قهوته التي اعدها بنفسه وهو يراقب  ما يجري في الخارج،كان الجو سديميابعض الشيء والسماءلم تكن تخلو من بعض الغيوم التي بدات تتجمع قليلا. الساعة تشير الان الى  السادسةو النصف بدأت حركة المارة تزدادومعظمهم  العائدين من سوق الهال و الذاهبين  الى الفرن،بعد الانتهاء من القهوة ،بدأ يجهز نفسه للذهاب الى الفرن،حيث التقى مع جاره ابو محمد عند باب البناية ليذهبا معا ،و عند عودتهم كانت الساعة حوالي السابعة،واغلب الدكاكين أصبحت مفتوحة، وقفاقليلا مع ابو حسين .. (الخضرجي )الطيب القلب تحت بنايتهم مباشرةيتبادلون الاحاديث وهم يشترون الخضارو الحديث لم يكن يخلو من الفكاهة و الممازحة المعهودة بين رجال الحارة الواحدة،حيث انضم إليهم العم حسن السمان يناقشهم في الاسعار و الغلاء،بينما كان جوان صاحب محل البالة في الجهة المقابلة يراقبهم متمنيا الانضمام إليهم وهو يعلم مدى روعة و جمال الحديث عندمايلتقي هؤلاء الرجال.
عقارب الساعة تشيرالى السابعة و النصف وصاحب المطعم كان جاهزا لتوزيع الفول والحمص ورائحة الفلافل كانت تملأ الشارع عاد احمد مع جاره الى المنزل ليضعا الخبز و الخضار فيعودا معا وبيد كل منهم زبدية لشراء الفول ريثما تقوم النساء بتحضير الفطور للاطفال الذاهبين الى المدارس و يذهب كل منهم الى مكان عمله،بالاضافة الى كل هؤلاء كان هناك الشاب سعيد الوسيم والذي كان يجهزنفسه للعرس،التقى به جاره عصام الصيدلي يسأله عن مدى جاهزيته للعرس وترتيباته واسألته لم تكن تخلو من الاحراج في بعض الاحيان، السابعة و الاربعين دقيقة، بدأت حركة المارة تزداد والطلاب بدأوا يتحركون باتجاه المدارس و الموظفين و العمال نحو أماكن عملهم. تناول أحمد مع عائلته الفطور وبعدها خرج الى الشارع مع اطفاله الذاهبين الى المدرسة القريبة رفقة مع اطفال الحارة ،على الرصيف إلتقوا مع الاستاذ جورج القادم من الحارة البعيدة وكان الحاج خلف بائع الكاز قد وصل  للتو من القرى الجنوبية البعيدة حيث حجز لنفسه زاوية على الرصيف.
في تلك اللحظةكانت سيارة شحن كبيرة تتجه نحو الحي بكل هدوء،والساعة تشير الى الثامنة إلا عشر دقائق،حيث كان هناك جمع من الناس في محل البالة ومثلهم في محلي السمانة و الخضرة و عند  الجزار أبو عبدو كذلك المطعم و الصيدلية بدأت تفتح ابوابها و صوت جرس المدرسة بدأ يرن و أغلب الناس لازالوا نياماو الابنية مازالت مليئة بالبشر ولكل شخص منهم حلم يعمل من اجل تحقيقها،فهذه سوسن طالبة الطب تحلم ان تصبح طبيبة متفوقة وهذا سامر الطبيب المتخرج حديثا يحلم بفتح عيادة و هذا العم خليل خادم الجامع يحلم ان يرزقه الله الجنة بخدمته للجامع و تواظبه على صلاة الجماعة،ورحاب المحامية كانت تنتظر دعوة قضائية في المحكمة للتترافع عن مظلوم دخل السجن،و غيرهم الكثيرين من المارة لم يكن يشغلهم شيء في تلك اللحظات سوى  لقمة  العيش كيف سيؤمنونها  لعوائلهم ، ذهب أحمد الى مكان عمله مشيا على الاقدام مع ان سيارات الخدمة كانت نشطة وقد توقفت للتو احداها أمام الصيدلية لتنزل منها الحاجة حليمة رفقة مع ابنها و ابنتها والتي  تخرجت للتو  من المشفى حيث كانت مصابة بوعكة صحية ادخلت على اثرها المشفى قبل عدة ايام ،ليشتروا لها بعض من الادوية قبل ان يذهبوا بها الى المنزل، الساعة الان الثامنة… ..دخلت الشاحنة الكبيرة الحي فاعترضت فجأة الطريق و الكل كان يعتقد بأن السائق كان يحاول الالتفاف الى الشارع الثاني إلا أن القصد كان من ذلك خلق أزمة سير و تجميع أكبر عدد من البشر و توقيف عدد كبير من السيارات ،كان أحمد قد ابتعد قليلا عن حارته تلك ،وفي تلك اللحظات كان السماء ملبداً بالغيوم الداكنة و قد حجبت اجزاء من قرص الشمس المختفي اصلا من السديم العالق في الجو، و حصل ما لم يكن بالحسبان،
صوت انفجار قوي إلتفت على أثرها أحمد مع الكثير من الناس الموجودين نحو الصوت وتتالت الانفجارات من الشاحنة الكبيرة و ارتفعت غيمة كبيرة من الدخان و الغبار مكان الانفجار حيث كانت لحظات مرعبة و صعبة للغاية و الكل كانوا في اماكنهم ولم يكملوا أحاديثهم بعد ،والتي تلاشت مع جثثهم واشتدت الظلمة و تناثر الحطام و السيارات المحترقة مع السائقين و الركاب وهي تعلو امتارا عن الارض ،لم تتوضح المعالم إلا بعد مرور دقائق رغم أن الكثيرين من سكان الاحياء المجاورة كانوا قد توجهوا نحو مكان الانفجار و منهم احمد الناجي الوحيد من بين المذكورين والاصوات كانت تتعالى بين النحيب و العويل و البكاء و الصراخ من هول الفاجعة،كلهم  ضاعوا  بين الانقاض و فتحت ابواب السماء لاستقبال أرواحهم
الطاهرة..   وذهبوا الى بارئهم و ذهبت معهم أحلامهم  التي لم تتحقق…

B.saman

 (كل الاسماء وهمية..والقصة وهمية.. لكنها وقعت بالفعل يوما.. وربما تحدث مرات أخرى طالما جزور الظلام منتشرة.. ولن تتوقف من زرع الخوف والارهاب اينما استوطن… )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا