كبرياء امرأة… رواية للكاتب بركات الساير العنزي

الكاتب القاص.
.بركات الساير العنزي
المجموعة القصصية الثالثة
حوارات وأفكار
كبرياء امرأة الحلقة السادسة :
زارتني أختي ليلى مرة ثانية لتطمئن على حالتي ، وجدت في وجهي شحوبا واختناقا في النفس .
قالت لي : نصحتك المرة الماضية ولم تعملي بنصيحتي ، المشكلة فيك أنك كتومة لا تتكلمين تبتلعين قهرك في صدرك حتى يتفجر ، ولن تخسري إلا نفسك .أين هند المتمردة القوية ، الثابتة . الجميلة التي لا ينحني غصنها؟؟
قلت لها : ليس باليد حيلة يا أختي وماذا أقول ؟، لو قلت لن يصدقني أحد وسوف تلوموني كثيرا . إن طلبت الطلاق ستقولون لي ماهي الأسباب ؟ فقط لا أريد الحياة مع زوجي فارس . لم يبخل علي بشيء فهو يحبني . ولكنه ليس بالفارس الذي يلمع أمامي بسيفه . لم يتوظف بشهادته الجامعية يعتمد على زراعة أبيه وأرضه . لا يطور نفسه في الثقافة والعلم أحس أنه أمي وجاهل . لا يحسن الرومانسية والأناقة . لا يجيد الكلام الجميل . منذ أن تزوجته ومازال كما هوعلى حاله .زواجي كان فاشلا صامتا . هو تقبلني ولكن انا لم أتقبله ، لا يواكب أحلامي ولا تطلعاتي .قالت لي أختي : ماتقولينه تجدينه في معظم الرجال والنساء . وكلامك لا يعني أنك على حق . ولو تزوجت مئة مرة لن تجدي رجلا كما تحلمين . والزوج لو تزوج مئة مرة لن يجد الزوجة التي يحلم بها . الحلم شيء والواقع أمر آخر لايتطابق الحلم والواقع . هي الحياة نعيشها بتناقضاتها . والعلة فيك ولن تستطيعي أن تغيري نفسك ، هذه طبيعتك . لقد عشت حياتك مدللة عنيدة لم تظلمك الأيام . ولكن إذا لم تستطيعي أن تتلاءمي مع زوجك اطلبي الطلاق وخذي حريتك .يجب ان تعيشي لوحدك . ومضت أختي إلى بيتها .
....توظف فارس في البنك وأصبح متميزا أنيقا لايخرج في الصباح إلا بعد أن تلقي عليه نظرة الكمال . وهو يسألها عن لبسه واناقته . بدأت رياح التغير تظهر على الشخصيتين .
.وقفت أم النافذة تتطلع إلى السماء وبعض الغيوم السايحة في السماء بعض الغيوم بيضاء وغيوم أخرى سوداء ، سرحت بخيالها بعيدا ، نظرت إلى زجاج النافذة فارتسم وجهها في الزجاج وغدا الزجاج كلوحة فنية في إطارها . وملامح جمالها الفتان ،ولازالت متألقة رغم الشحوب النفسي لديها والألم الطويل الذي لا يفارقها . ابتسمت وهي تتذكر ماضيها عندما تذهب لعمتها وترى فارسا هناك ويتلعثم أمامها في كلماته من شدة خجله ، يملك فلبا بريئا وصدقا جميلا لا يعرف الكذب ازدادت ابتسامتها وتنور وجهها الصبيح ، قالت في نفسها . فارس رجل جميل صادق النفس وكما قالت أختي لا يمكن أن نجمع كل أمانينا ورغباتنا . العيب في نفسي والمرض في وجداني . سوف أجبر نفسي على محبة فارس فهو زوجي ووالد أبنائي ، سأحطم غروري لأكون امرأة مثل بقية النساء .
مرت الأيام وبدأت تتغير نفسية هند تستقبل زوجها بابتسامة وترحاب . وتطبع قبلة على جبينه عند دخوله البيت . الاندهاش واضح على وجه فارس والسعادة تفمره من هذا التحول المفاجئ عند زوجته وابنة خاله . تتلاقى العينان مع بعضهما تلاقي العشاق . وتمتد الشجرة بأغصانها ، وتتعمق جذورها . لفد خرج مارد الحب من قلبيهما ليسعدا ويعيشا حياتهما كما يريدان . راح الحب ينمو في القلبين العطشين . شعرت هند بسعادة لم تحس فيها منذ زواجها كلمات أختها لا تزال ترن في أذنيها ونصائحها تدخل في عقلها . لا بد من التنازل في الحياة الزوجية من الطرفين .ومضت حياتهما على مايرام لشهور عديدة وهما يتمنيان ألا تعود الأيام السابقة بحملها الثقيل ، لقد آثرا نسيان الماضي .
كان فارس يجلس على كرسيه وهو منشعل بهاتفه الحديث ، وهند تقرأ في كتاب .لا حظت هند انشغال زوجها الدائم بهاتفه . راقبته مرات عديدة ومرة ترك هاتفه مفتوحا فوجدت محادثات بين زوجها وامرأة موظفة معه بالبنك ، قرأت بعض الكلام ،غزل وكلام جميل ، صعقها الامر وسكتت ولم تبد له شيئا وتعجبت من كلام زوجها . فارس الخجول يملك كل هذه الرومانسية . الغليان في صدرها يشتد . كانت تتمنى في السابق أن ينزوج عليها ويتركها ولكنه رفض . لم تشعر بالغيرة عليه سابقا ، لكن اليوم الأمر مختلف .لقد كان على علاقة مع هذه المرأة وهي صديقته من أيام الجامعة . لقد تكلم عنها سابقا أمام هند . وأنه كان يحبها وقد ظنت هند أنه قد نسيها بعد هذه السنوات .
بعد خروجه صباحا للدوام إلي وظيفته حملت أغراضها وذهبت لأهلها وهي تنوي طلب الطلاق هذه المرة ، ولن تتنازل عن طلبها مهما كان الأمر. سألتها أمها مابك ؟ قالت : لاشيء أريد الطلاق ولن أعود لفارس ؟ لقد رضيت بالهم والهم لم يرض بي .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا