قنابل الثقوب السوداء… رواية للاديب ابراهيم أمين

رواية قنابل الثقوب السوداء
الجزء 12
حروب ضارية على موائد صناديق القمامة...
لم تمضِ بعد سوى بضعة أشهرٍعلى سفر فهمان ، وفطين في همٍّ متواصل ليل نهار، فالحرمان يهزّه ويفكك أوصاله على الدوام ، ويشعل قلبه حرقةً واشتياقاً.
حتى أنّ عيناه ذبلتْ ، وبدأ يفقد بعض قواه المعهودة.
وكثيرًا ما كان يجرفه الشوق إلى ولده فيتخذ قرارًا للسفر إليه ، بيد أنَّ أعباء مصاريفه كانت بمثابة قيدٍ يمنعه ويغلّ قدميه.
ولمْ يكن الحرمان هو الضارب على نفسه فقط ، بل الفاقة والذلة التي أحاطت بالعرب والخنوع الكاسح من الأنظمة العربيّة لنظيرتها الغربيّة مما يهدر كرامتهم وكرامة شعوبهم ، فضلاً على الكارثة الكبرى وهي تسهيل الدعم اللوجستيّ والنفسيّ لانخراط المنظمة الصهيونيّة لتنخر فى جسد دولة فلسطين .
وهنا ، هنا فى الوادي الجديد تتجسّد كلّ مظاهر الفاقة والذلة أمام عينيه.
كثُرتْ صناديقُ القمامة وأصبحتْ تنتشر فى جميع أنحاء الوادي الجديد لأنّها غدتْ الطعام الرئيس للغالبية العظمى من أهلها.
والصناديق رغم كثرتها فإنها لا تكفي حاجة أهلها من الغذاء فتسبّب ذلك في نشوب معارك فيما بينهم.
فاضطر النظام الحاكم وضْْع عساكر عليها حفاظاً على الأمن القوميّ من جهة ، ومن جهة أخرى كي لا يعوّدون الشعبَ على البذخ والإسراف.
وللأسف جرت فيها الرشوة أيضاً فتحصّل من غذائها ما لا يستحق وحُرم منها ما يستحق.
ومن المضحكات المبكيات أنّ القطط والكلاب المحلّية أصابها الهزال من الجوع فقتل بعضهم بعضاً من أجل الحصول على طعام هذه الصناديق خِلسة.
ومن بعيد نجد كلباً ثميناً وقطة ثمينة أُستوردا من أمريكا وسويسرا ينظران إلى صناديق القمامة ، وبينما هم على ذلك إذ ألقى عليهما مالكهما قطعاًَ من اللحم البقريّ الطازج.
فجرى إليها أحد أطفال الفقراء ليحوزها ، فرآه مالك الكلب والقطة فأقبل عليه غاضباً وكاد يقتله لاتهامه بسرقة أموال الناس لولا أن أسرع أبوه وانتشله من أنيابه وفرّ به.
تناول الكلب الأجنبيّ قطع اللحم وأسرع بها إلى والد الطفل وألقاها بين يديه ، نظر إليه كلبٌ محليّ فحقد على الطفل فأراد أن يتسلّل خلسة ويأخذها منه... يتبع .. يتبع
بقلمي .. ابرهيم امين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

سيد قلبي... ياس ياسمين

الحسود..خواطر بن قاقا