الجنيرال والمعتوه… قصة للكاتبة فاطمة حشاد

قصة قصيرة بعنوان "الجنيرال و المعتوه" بقلمي أنا فاطمة حشاد

الجزء الثالث:

...و لأول مرة يترك المعتوه رأسه بين أحضان امرأة، تحركت فيه وقتها أحاسيس مضطربة.. متمردة أحيانا، مستسلمة أحيانا أخرى، متألمة تارة، متحملة تارة أخرى...
لم يكن المسكين يقوى على الحراك، كانت قشعريرة الموت بدأت تدب في أوصاله. و لكن سرعان ما استفاق من قفلته ليجد طيف "فتحية" قد اختفى من أمامه و تاه بين زحمة الوجوه الواجمة.

ضم إليه رجليه القرفصاء و زحف ببطء إلى الطرف المقابل من الطريق، حيث الرصيف ذو الطلاء الأبيض و الأحمر، ذلك الرصيف الذي لطالما جمع على قارعته أفكارا برأسه المملوء شيبا ثم بعثرها في لحظات ليحاول جمعها من جديد فتضحك منه بنات أفكاره تاركة إياه في بحر من التوهان و الغياب رغم الحضور.

نادى بالمدى:
-"فتحية" أين نظاراتي و قداحتي، ألم أقل مرارا بأن تتركيهما حيث الجريدة؟
و لكن هيهات، أين هو من "فتحية" فالمسكينة بين المطبخ و الجلي و الكنس و نزع الغبار قد ضاقت ذرعا من أصحاب المنزل. كانت تنظر هنا و هناك لتحترق كل يوم بحقيقة أنها صارت خادمة بفيلا كانت يوما سيدة بها...

آه لهذا الزمن الذي أكساها ثوب "فتحية" و هي السرور الذي كان يلون عتمة المكان و وحشته، و هي "سرور" بنت أمين الصاغة و التي ألفت سيدا يأمر و ينهي و يصفع في مطبخ أو غرفة أو مضجع. مات والدها و لم تجد ظهرا يسندها بعد المصيبة التي حلت بها و بزوجها.

كان كلما يمر بالخمارة و أوكار القمار يحك رأسه المشعث و يضرب تحية سلام إلى من كانوا سببا في هجره لزوجته و عزه و جاهه، ثم ينادي:
- "عبد الفتاح" أين قهوتي المرة؟

النهاية

[
 ](https://www.facebook.com/#)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي