حكايات طائشة.. للكاتب صباح خلف العتابي

حكايات طائشة
الحكاية رقم ( .٢)
سنتان مرت علي بعد الخمسين .. اعتدت ان اقف على باب داري ، اقايض الناس عن بعد حبا بحب ، سلام بسلام ، الى ان يبدأ الليل بالنزف .. فأضطجع في فراشي احلم في ان اكون مرة .. واخرى الا اكون .
اعتبرها البعض عادة سيئة .. ربما لهم الحق ، الا اني ما ان امسي الا اكون كما كنت ، مشنوقا في باب داري استلهم من الظلمة الممتدة امامي رؤى الوكها في نومي لا حقا ، كي اسحق ايامي رويدا رويدا حتى الانتهاء لما تبقى من ايامي .
مرة قلت لرجل اثناء وقفاتي الليلية تلك
— يا أخي .. لاتغبط القمر على ضوءه .. فأنك ان دخلت فيه لاترى حتى اصابعك المنهكة .. !!!
لم يكترث لنصحي المجاني وراح يبحلق في القمر وكأنه يراه لاول مرة .
وعلى امر يثير الغرابة والدهشة فقد تكررت زيارات ذلك الرجل الليلية .. يمرق امام منزلي في عين الوقت .. حتى امست الامور وقد اكتسبت موقفا مألوفا ، مرورا سريعا كل ليلة وفي نفس الوقت ، قامته طويلة متعامدة مع السماء ، ورأسه مرفوعا للاعلى ، وزوج عينيه مشدودتان نحو ( القمر ) شدا .
حاولت ان استوقفه عدة مرات لكنه لم يقف ، ناديته مرة :
— ايها الرجل الطويل .. يا عاشق القمر .. يا انت .. ماهو الاحجارة سوداء ، ليس فيه صهيل خيل ، ولا دبكات الراقصين ..
لم يقف كالعادة .. بل لم يعرني اي اهتمام .. فأصبح الرجل الغريب هذا سر حيرتي وحزني في آن واحد .
قررت ذات يوم ، ان لا يعيقني المطر ، او ظلام الليل من ملاحقته واكتشاف ذلك السر  في رحلاته العجيبة تلك ، وان العب معه نفس اللعبة سيما وانها لاتباع ولا تشترى ..
— لن اسمح له ان يفلت مني او ينجو هذه الليلة ..
وقفت كالعادة في باب داري انتظر قدومه .. ولكن الغريب لم يظهر بعد ، رغم انقضاء ساعات من الليل
دب اليأس داخلي .. والرجل لم يظهر بعد .
—  يبدو انه آثر الانسحاب من المواجهة الاخيرة ..
قلت لنفسي ذلك .. ويبدو انه عازم ان يتركني في اوسع حيرة واعقد لغز ..
لم يأت الرجل .. تراجعت متراخ ، متعب الى فراشي ، واحسست بأن شيئا قد مات في داخلي ، وان ذلك الرجل صعب العثور عليه وان علي مجابهة القمر وحدي !!!

          (( صباح خلف العتابي ))

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماللوطن... عبد الرزاق سعدة

من بين الامي..علي اسماعيل الزراعي

خذني اليك... علي اسماعيل الزراعي